كلمة فريسيون: مأخوذة من الكلمة العبرية (بيروشيم)، أي (المنعزلون). وكانوا يلقبون أيضاً بلقب (حبيريم)، أي (الرفاق أو الزملاء)، وهم أيضاً (الكتبة)، أو على الأقل قسم منهم، من أتباع شماي الذين يشير إليهم المسيح عليه السلام. والفريسيون فرقة دينية وحزب سياسي ظهر نتيجة الهبوط التدريجي لمكانة الكهنوت اليهودي بتأثير الحضارة الهيلينية التي تُعلي من شأن الحكيم على حساب الكاهن. ويُرجع التراث اليهودي جذورهم إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، بل يُقال إنهم خلفاء الحسيديين (المتقين)، وهي فرقة اشتركت في التمرد الحشموني. ولكن الفريسيين ظهروا باسمهم الذي يُعرَفون به في عهد يوحنا هيركانوس الأول (١٣٥ - ١٠٤ ق. م)، وانقسموا فيما بعد إلى قسمين: بيت شماي وبيت هليل. وقد كان الفريسيون يشكلون أكبر حزب سياسي ديني في ذلك الوقت إذ بلغ عددهم حسب يوسيفوس نحو ستة آلاف، لكن هذا العدد قد يكون مبالغاً فيه نظراً لتحزبه لهم، بل لعله كان من أتباعهم. ويُقال إنهم كانوا يشكلون أغلبية داخل السنهدرين، أو كانوا على الأقل أقلية كبيرة.
ومن المعروف أنه حينما عاد اليهود من بابل، هيمن الكهنة عليهم وعلى مؤسساتهم الدينية والدنيوية، تلك المؤسسات التي عبَّر عن مصالحها فريق الصدوقيين. ولكن اليهودية كانت قد دخلتها في بابل أفكار جديدة، كما أن وضع اليهود نفسه كان آخذاً في التغير، إذ أن حلم السيادة القومية لم يَعُد له أي أساس في الواقع، بعد التجارب القومية المتكررة الفاشلة، وبعد ظهور الإمبراطوريات الكبرى، الواحدة تلو الأخرى. وقد زاد عدد اليهود المنتشرين خارج فلسطين، وخصوصاً في بابل (ويقول فلافيوس إن عدد يهود فلسطين آنذاك كان نصف مليون وحسب، وإن كانت التقديرات التخمينية ترى أن عددهم يقع بين المليونين والمليون ونصف المليون، وهم أقلية بالنسبة ليهود العالم آنذاك).
المصدر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية – لعبد الوهاب المسيري - موقع المسيري