لما ظهر الإسلام وتوسعت الفتوحات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كان النصارى قسمين:
الأول: الغالبية منهم دخلت الإسلام:
طوعا أو كرها، وهم نصارى الجزيرة العربية والعراق والشام وفلسطين، ومصر وأفريقية، وكذلك النصارى من أهل فارس وما حولها من بلاد الشرق، وكان النصارى أكثر قبولا للإسلام من اليهود والمجوس والوثنيين.
الثاني: البقية الذين لم يدخلوا الإسلام وهم على حالين: أ- نصارى لم تصلهم الفتوحات الإسلامية، وهم نصارى أوروبا (عدا الأندلس وشرق أوروبا)، وهؤلاء مركزهم روما، ومنهم انطلقت الهجمات النصرانية على المسلمين في الشام ومصر وأفريقية أيام الحروب الصليبية وما قبلها وما بعدها إلى عهد ما يسمى بـ (الاستعمار (١) الحديث) بل وحتى اليوم.
ب- النصارى الذين بقوا على نصرانيتهم داخل الدولة الإسلامية (أهل الذمة) أو تحت الرق، وكان لهؤلاء دور كبير في الكيد للإسلام والمسلمين، وكثيرا ما يتضامنون مع اليهود سرا في ذلك، كما حصل في مقتل عمر رضي الله عنه والفتن التي تلت ذلك، كما أن هؤلاء قاموا بجهد كبير في بثِّ المعتقدات والشبهات والفلسفات الدخيلة على العقيدة الإسلامية، والتي أسفرت عنها الفرق الكلامية كالقدرية، والجهمية، والمعتزلة، والفرق الباطنية: كالرافضة، والإسماعيلية، والحلولية، والاتحادية والاتجاهات الفلسفية، والطرق الصوفية، وكل هذه الفرق والمذاهب أثر النصرانية فيها جلي واضح.
وللنصارى في العصر الحديث أثر كبير في غزو المسلمين عسكريا وسياسيا، وفكريا، وأخلاقيا، واقتصاديا.
المصدر:الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة: د. ناصر العقل ود. ناصر القفاري – ص٧٥
(١) هذه التسمية غير صائبة فالاستعمار هو العمران والإصلاح، والأولى أن يقال: الاستعباد أو الاحتلال، أو الاغتصاب، أو التخريب، ونحو ذلك.