( الإشكناز) من (إشكنازيم) العبرية. و (الإشكناز) هم يهود فرنسا وألمانيا وبولندا. و (إشكناز)، حسب الرواية التوراتية، اسم أحد أحفاد نوح. ومن المحتمل أن تكون الكلمة قد استُخدمت للإشارة إلى قبيلة ظهرت في زمن أسرحدون تَحالَف أعضاؤها مع آشور. وهم الذين تشير إليهم المدونات الآشورية في القرن السابع قبل الميلاد بلفظ (إشوكوزا)، وهم الذين أشار إليهم اليونانيون بكلمة (إسكيثيانز Scythians) وهم الإسكيثيون. ويبدو أن هذه الأقوام كانت تشغل المنطقة الموجودة على حدود أرمينيا في أعالي الفرات، وجزءاً من مملكة الميديين. ويقرن يوسيفوس كلمة (إشكناز) بمدينة في مركز ميديا. وفي بعض الكتابات الحاخامية، يُشار إلى آسيا بأسرها باعتبارها (إشكناز)، كما كان يُشار إلى الخَزَر باعتبارهم (إشكناز)، بل واستُخدمت الكلمة للإشارة إلى حملات الفرنجة.
أما الاشتقاق الحالي لكلمة (الإشكناز)، فهو من كلمة (إشكناز) بمعنى (ألمانيا). ومن الصعب معرفة متى حدث هذا التَرادُف. وثمة آراء احتمالية عدة، فهناك من يربط بين إشكناز وإسكندنافيا، وهناك من يربط بينها وبين الساكسون ومن ثم بينها وبين ألمانيا. ومع زمن راشي، أصبح هذا الترادف أمراً مقبولاً تماماً، فهو يشير إلى (لشون إشكناز)، أي (اللسان الألماني) أو (اللغة الألمانية). وكان يشير إلى (إرتس إشكناز) أي (أرض ألمانيا). ومن هنا، أصبح المصطلح يشير إلى يهود فرنسا وألمانيا ونسلهم من اليهود الذين هاجروا إلى إنجلترا وشرق أوربا (بولندا وليتوانيا) بعد حروب الفرنجة. ويطرح آرثر كوستلر نظرية أخرى عن أصل أكبر كتلة بشرية إشكنازية (أي يهود بولندا)، فيرى أن الجماعات اليهودية في فرنسا وألمانيا قد أبيدت تماماً أو اختفت، وأن يهود بولندا هم في الواقع بقايا يهود الخزر الذين نزحوا عن أراضيهم بعد سقوط دولتهم وأسسوا دولة المجر ثم هاجروا منها إلى بولندا. وبالتالي، فإن الإشكناز عنصر تركي غير سامي.
وقد انتشر الإشكناز من بولندا إلى أوربا، خصوصاً بعد هجمات شميلنكي في أوكرانيا (١٦٤٨م)، فاستقرت أعداد منهم في بولندا وألمانيا وإنجلترا والعالم الجديد. ثم هاجر الملايين منهم في نهاية القرن التاسع عشر إلى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وأستراليا ونيوزيلندا، بعد الانفجار السكاني الذي حدث في صفوفهم. كما أنهم توجهوا إلى آسيا وأفريقيا مع حركة التوسع الإمبريالي. ولما كان يهود شرق أوربا هم أهم كتلة بشرية يهودية، فقد ارتبط المصطلح بهم، ولكننا نُفضِّل أن نشير إلى هؤلاء باعتبارهم (يهود اليديشية).
المصدر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية – لعبد الوهاب المسيري - موقع المسيري