[المبحث الثامن: الحسيديم:]
فرقة من فرق اليهود متأخرة النشأة، وتعزى إلى رجل يسمى (إسرائيل بن اليعازر) الملقب بـ (بعل شم طوب) في أوكرانيا، المتوفى سنة (١٧٦٠) م. و (حسيديم) مشتقة من الكلمة العبرية (حسيد)، والتي تعني المنقى والناذر نفسه للدين. والذي يظهر أن الحسيديم فرقة صوفية منشقة عن الفريسيين التلموديين، فهم يعظمون التلمود ويقبلون أقواله، إلا أن لهم تفسيراتهم الباطنية الخاصة بذلك، وهم يعتمدون في مخالفاتهم لبقية اليهود على التأويل الباطني والتوجه الصوفي، ولهذه الفرقة أتباع كثيرون.
ومن أهم ما يميزهم أمور، منها:
- اعتقادهم بوحدة الوجود، وأن لا وجود حقيقي إلا وجود الله تعالى، وأن المخلوقات ما هي إلا مظاهر لذلك الوجود وتعبير عنه.
- يقولون بالجبر، وأن الخير والشر من الله، وأن الإنسان إذا ارتكب منكراً فعليه أن يكون مرتاح البال؛ لأن ذلك من الله، وكل ما هو من الله فهو خير.
- يقولون بالتناسخ، وأن الغرض منه تطهير النفس، وإعطاؤها الفرصة للصلاح، فإذا لم تصلح تتناسخ في جسد آخر لأكثر من مرة حتى تصل إلى الصلاح.
- يقولون بالثواب والعقاب، وأن الإنسان لا بد أن يتطهر قبل دخوله الجنة، وذلك بأن تهزه الملائكة بعد الموت حتى تذهب سيآته الحسية والجسدية، وتتقاذفه الملائكة بين أيديها حتى يتطهر من سيآته النفسية المتعلقة بالأفكار والكلام. وعندهم أن اليهودي لا يقضي في جهنم أكثر من اثني عشر شهرا.
- يستعملون الغناء والموسيقى في صلواتهم.
- من أكثر طوائف اليهود حماساً لمجيء المسيح المخلص، الذي يعتقدون أنه سيكون من نسل داود، وبمجيئه تنتهي كل مشاكل اليهود، ولهم في ذلك حكايات كثيرة يطول ذكرها من ناحية تصورهم لقرب مجيئه، حتى أن منهم من كان يقول لأهله إذا أراد النوم: (إذا جاء المسيح المخلص وأنا نائم فأيقظوني دون تردد).
ومنهم من جعل غرفة خاصة في بيته وضع فيها كل غال ونفيس عنده، ولم يكن يسمح لأحد بالدخول إليها يسميها (غرفة المسيح)، وبعضهم يتفوه بكلمات كفرية قبيحة في حق الله تعالى معاتباً له على تأخر المسيح، مثل قول أحد رؤسائهم المسمَّى موسى بن زفي المتوفى (١٨٤١) م: (لو كنت أعلم أن شعر رأسي سيكون أبيض، ولا ترى عيناي المسيح المخلص لما بقيت حيًّا، يا رب أنت الذي أبقيتني وحفظتني بهذا الأمل وهذا الاعتقاد، إنك ضحكت عليَّ، فهل هذا شيء جيد؟ وهل هو شيء جيد أن تضحك على رجل كبير مثلي؟ أجبني).
- يتركون ضفائر على جانبي الرأس، كما لا يحلقون ولا يقصون شيئاً من لحاهم ولا من سائر شعر الوجه سوى الشوارب.
- أكثر الحسيديم يذمون الصهيونية ويطعنون فيها، وإن كانوا مؤيدين لها في إنشاء دولة اليهود في فلسطين، وقد هاجر كثير منهم إلى فلسطين واستقروا بها، وكونوا لهم تجمعات كبيرة، بل يقول الكتاب: إن أكثر من نصف المدارس في دولة اليهود تعود للحسيديم ما عدا فرقة (الستمار) منهم، فإنها تحرم السفر إلى دولة اليهود في فلسطين، ويطعنون في الصهاينة، ويعتبرونهم كفاراً مارقين، وهم يرون أن خلاصهم لا يكون إلا بأمر معجز عن طريق المسيح المخلص، وأن وجود دولة اليهود يعوق خلاصهم ويؤخر مجيء المسيح المخلص، وأكثر هذه المجموعة يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية.
المصدر: دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف – ص ١٤٧ - ١٤٩