التنصير حركة دينية سياسية استعمارية، بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة، وبين المسلمين بخاصة، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب.
المصدر:الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي
وهو دعوة جادة لتنصير المسلمين وغيرهم، وإدخالهم في عداد الأمم النصرانية، وضمن نفوذهم السياسي بل والجغرافي.
أسماؤه: أطلقت على هذا النوع من النشاط التسميات الآتية:
وقد جاء في الكتاب الذي يقدسه النصارى إطلاق تسمية عملهم بالتكريز وبالبشارة.
شعارهم: يتظاهر المنصِّرون بالدعوة إلى إنقاذ الأمم من الهلاك والشقاء على يد المسيح الفادي عليه السلام، ومع أن الديانة التي جاء بها نبي الله عيسى عليه السلام لم تكن عالمية- كما سيأتي إيضاحه - إلا أن المنتسبين إلى المسيح - وخصوصا ذلك العدو اللدود للمسيحية الحقة، وهو بولس ومن سار على طريقته - خالفوا هذا المبدأ، ونادوا بها عالمية، ويقصدون بذلك السيطرة على العالم، وإعلاء الوثنية، وحين أخفقوا في تحقيق ما كانوا يحلمون به من السيطرة على العالم، الذي يُراد به في الظاهر إنقاذ البشر، والخلاص على يد المسيح- كما يزعمون- ولكن يراد به في الباطن تحقيق ما عجزوا عنه بالوسائل الحربية، فاهتموا بالتبشير اهتماما بالغا، وأنشؤوا المدارس على اختلافها؛ لتخريج جحافل التنصير في مختلف بلدان العالم، وأتبعوا ذلك بطباعة كتبهم المملوءة بالدسِّ والغزو، كما اهتمُّوا بالمساعدات المادية، تدعمهم في كل جهودهم الدول الطامعة مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرهم من دول الغرب، وقد وجَّهوا جلَّ اهتمامهم إلى الدول الإسلامية ذات الكثافة السكانية، مثل مصر وإندونيسيا وغيرها من البلدان التي توجد بها أعداد من النصارى، كانوا قلة فأصبحوا كثرة، يشكِّلون رأس الحربة ضد المسلمين، والعيون الساهرة لتدعيم قواعد النصرانية، وبثِّها بين عوام المسلمين تحت عدة أقنعة. ومما يُذكر أن أول من اخترع فكرة التنصير هو الملك لويس التاسع، الذي اعتقل في مدينة المنصورة أثناء هزيمته في الحملة الصليبية السابقة، وخلوته هذه في معتقله بالمنصورة أتاحت له فرصة هادئة ليفرك بعمق في السياسة التي كان أجدر بالغرب أن يتبعها إزاء المسلمين، وقد أنهى به التفكير إلى تلك الآراء والمآخذ التي أفضى بها إلى إخوانه المخلصين أثناء رحلته إلى عكا مقلعا إليها من دمياط (١) وقد نجحت هذه الخطة، ولم يفطن إليها المسلمون إلا متأخرين، ولم يعد غرض المنصِّرين أو المبشِّرين- ومن يقف وراءهم من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية- خافيا على أحد، فلقد أصبح الغزو الفكري لبلاد المسلمين موضع مؤتمرات غربية علنية وسرية، ومحل مفاوضات، يدرسون أقرب الآراء إلى إنجاح الحملات التنصيرية، ويخطِّطون لاقتحام البلدان التي يريدونها مسرحا لنشر نشاطهم ونفوذهم دون أي خوف من جهة المسلمين، وقد أعلنها صراحة في مئات النصوص.
المصدر:المذاهب الفكرية لغالب عواجي ١/ ٢٨٩ - ٢٩١
(١) انظر: ((أخطار الغزو الفكري على العالم الإسلامي)) (ص ١٧١).