[الفرع الثاني: المزدكية:]
أصحاب مزدك: ومزدك هو الذي ظهر في أيام قباذ والد أنوشروان، ودعا قباذ إلى مذهبه فأجابه، واطلع أنوشروان على خزيه وافترائه فطلبه فوجده فقتله.
حكى الوراق أن قول المزدكية كقول كثير من المانوية في الكونين والأصلين، إلا أن مزدك كان يقول:
إن النور يفعل بالقصد والاختيار، والظلمة تفعل على الخبط والاتفاق، والنور عالم حساس والظلام جاهل أعمى.
وأن المزاج كان على الاتفاق والخبط لا بالقصد والاختيار، وكذلك الخلاص إنما يقع بالاتفاق دون الاختيار.
وكان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال، ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال، أحلَّ النساء وأباح الأموال، وجعل الناس شركة فيهما، كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ.
وحكي عنه أنه أمر بقتل الأنفس؛ ليخلصها من الشر ومزاج الظلمة.
مذهبه في الأصول والأركان أنها ثلاثة: الماء والأرض والنار.
ولما اختلطت حدث عنها مدبر الخير ومدبر الشر، فما كان من صفوها فهو مدبر الخير، وما كان من كدرها فهو مدبر الشر.
وروي عنه أن معبوده قاعد على كرسيه في العالم الأعلى على هيئة قعود خسرو في العالم الأسفل وبين يديه أربع قوى:
قوة التمييز والفهم والحفظ والسرور.
كما بين يدي خسرو أربعة أشخاص:
موبذ موبذان والهربد الأكبر والأصبهيد والرامشكر، وتلك الأربع يدبرون أمر العالم بسبعة من ورائهم سالار وبيشكار وبالون وبراون وكازران ودستور وكوذك.
وهذه السبعة تدور في اثني عشر روحانيين: خواننده ودهنده وستاننده وبرنده خورننده ودونده وخيزنده وكشنده وزننده وكننده وأبنده وشونده وباينده.
وكل إنسان اجتمعت له هذه القوى الأربع والسبع والاثنا عشر صار ربانيا في العالم السفلي، وارتفع عنه التكليف.
قال: وإن خسرو العالم الأعلى إنما يدبر بالحروف التي مجموعها الاسم الأعظم، ومن تصور من تلك الحروف شيئا انفتح له السر الأكبر، ومن حرم ذلك بقي في عمى الجهل والنسيان والبلادة والغم في مقابلة القوى الأربع الروحانية.
وهم فرق: الكوذية, وأبو مسلمية, والماهانية, والإسبيدخامكية, والكوذية, بنواحي الأهواز وفارس وشهرزور، والأخر بنواحي سغد سمرقند والشاش وإيلاق.
المصدر: الملل والنحل للشهرستاني – ١/ ٢٩٤