[الفرع السابع: الانتشار ومواقع النفوذ:]
تنتشر الكنائس البروتستانتية في: ألمانيا، هولندا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، سويسرا، الدنمارك، وتوجد أقليات بروتستانتية في باقي الدول الأخرى.
يتضح مما سبق:
لا تختلف الكنائس البروتستانتية عن باقي الكنائس النصرانية، سواء في الإيمان بإله واحد مثلث الأقانيم: الآب، الابن، الروح القدس، تثليث في وحدة، أو وحدة في تثليث، حسب افترائهم.
أو في الإيمان في عقيدة الصلب والفداء وتقديس الصليب.
كانت لحركات الإصلاح البروتستانتية الأثر الكبير في كشف عورات الكنيسة الكاثوليكية، وفي فضح سلوك القائمين عليها. كما أنها أفسحت المجال أمام العلماء والمفكرين وعامة المؤمنين بالكنيسة في حق فهم الكتاب المقدس، وبالتالي كسرت احتكار رجال الدين لهذا الأمر، مع ما نشأ عن ذلك من آثار سلبية عديدة على النصرانية بوجه عام، وعلى الكتاب المقدس بوجه خاص، حيث تعرض للنقد الشديد والتشكيك في صحة نصوصه.
مع أن البروتستانت قرَّروا حرية البحث والنظر في الأمور الاعتقادية، إلا أنهم حرَّموها فيما بعد كالكاثوليك، بل وأصبحت حرية الفكر عندهم مقتصرة فقط على نقد رجال الكنيسة الكاثوليكية. فقد عذَّبوا رجالاً من أجل عقائدهم، مثل سرفيتوس الإسباني، ومنعوا كتباً من النشر؛ لأنها تحوي في نظرهم ما لا يتفق وتعاليم الكتاب المقدس.
يقول هربرت فيشر في أصول التاريخ الأوروبي الحديث عن لوثر: (لم يكن يؤمن بالبحث الحر ولا بالتسامح). وينقل غوستاف لوبون في كتابه روح الثورات والثورة الفرنسية تصريحاً للوثر بأنه لا يجوز للنصارى أن يتَّبعوا غير ما جاء في الكتاب المقدس.
وعن موقف حركة الإصلاح الديني من العلم، يقول (أ. وولف) في كتابه عرض تاريخي للفلسفة والعلم: (أما من حيث حركة الإصلاح الديني فإن المصلحين كانوا لا يقلُّون تعصباً عن رجال الكنيسة الكاثوليكية إن لم يزيدوا عليها). ولذلك فإنهم هاجموا النظريات العلمية، واضطهدوا من يقول بها، ويقول كلفن بعد أن أعلن كفر من يقول بدوران الأرض: (مَن مِن الناس يجرؤ على أن يضع سلطة كوبر نيكوس فوق سلطة الروح القدس؟).
لم يكن اضطهاد العلماء في تلك الفترة بأقل من اضطهاد الفلاسفة. فكما حاربت البروتسانتية النظريات العلمية المخالفة لنصوص الكتاب المقدس، كذلك حاربت العقل، واضطهدت الفلاسفة أمثال آرازموس الذي حاول التوفيق بين العقل والكتاب المقدس. يذكر ديورانت في قصة الحضارة تصريحات للوثر تبين تطرفه في إنكار العقل حيث يقول: (أنت لا تستطيع أن تقبل كلًّا من الإنجيل والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر) ويقول: (إن العقل أكبر عدو للدين).
نتيجة للحروب بين الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية، واضطهاد العلماء وقتلهم، وقتل الروح العلمية والفكرية، وتطرُّف زعماء حركة الإصلاح البروتستانتي في ذم العقل، أدَّى ذلك كله إلى ظهور الأفكار المناوئة للدين، وتعالت الصيحات الإلحادية التي تطالب بحرية الفكر وسيادة العقل، واعتباره المصدر الوحيد للمعرفة، وأيضاً المناداة بفصل الدين عن الدولة.
استطاع اليهود تهويد بعض الكنائس البروتستانتية، وتسريب الأفكار الصهيونية، وإنشاء أحزاب وكنائس تتبناها وتدعو إليها من خلال ما يعرف بالصهيونية المسيحية. وللحقِّ فإن هناك من داخل الكنيسة الإنجيلية في أمريكا مَنْ وقف لهم بالمرصاد مثل: المجلس الوطني للكنائس المسيحي، الذي يضمُّ (٣٤) طائفة يبلغ عدد أتباعها نحو الأربعين مليون شخص. وتتعاطف الكنائس الإنجيلية: المشيخية، المنهجية، المعمدانية، الأسقفية، بنسب متفاوتة مع هذا الاتجاه.
مراجع للتوسع: