بعدما رُفع المسيح عليه الصلاة والسلام، اشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص؛ حيث قُتل يعقوب بن زبدي أخو يوحنا الصياد، فكان أول من قتل من الحواريين، وسجن بطرس، وعذِّب سائر الرسل، وحدثت فتنة عظيمة لأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية أن تفنى.
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة أعلن شاول الطرسوسي اليهودي الفريسي، صاحب الثقافات الواسعة بالمدارس الفلسفية والحضارات في عصره، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه عمالائيل، أعلن شاول- الذي كان يُذيق أتباع المسيح سوءَ العذاب- إيمانه بالمسيح بعد زعمه رؤيته عند عودته من دمشق، مؤنِّباً له على اضطهاده لأتباعه، آمراً له بنشر تعاليمه بين الأمم، فاستخفَّ الطرب النصارى، في الوقت الذي لم يصدِّقه بعضهم، إلا أن برنابا الحواري دافع عنه وقدَّمه إلى الحواريين فقبلوه، وبما يمتلكه من حدَّة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين، وتسمَّى بـ بولس.
- انطلق الحواريون للتبشير بين الأمم اليهودية في البلدان المجاورة، التي سبق أن تعرَّفت على دعوة المسيح عليه السلام أثناء زيارتها لبيت المقدس في عيد العنصرة، وتذكر كتب التاريخ النصراني بأن متَّى ذهب إلى الحبشة، وقُتل هناك بعد أن أسس فيها كنيسة ورسَّم - عيَّن- لهم أسقفها. وكذلك فعل مرقس في الإسكندرية بعد أن أسس أول مدرسة لاهوتية وكنيسة فيها بتوجيه من بطرس الذي أسس كنيسة روما، وقتل في عهد نيرون عام (٦٢) م.
- أما بولس فذهب إلى روما وأفسس وأثينا وأنطاكية، وأسَّس فيها كنائس نصرانية نظير كنيسة أورشليم، ورسَّم لهم أساقفة. وفي أحد جولاته في أنطاكية صحبه برنابا فوجدا خلافاً حادًّا بين أتباع الكنيسة حول إكراه الأمميين على اتباع شريعة التوراة، فعادا إلى بيت المقدس لعرض الأمر على الحواريين؛ لحسم الخلاف بينهم.