إنجيل برنابا لا يعتبر من الأناجيل القانونية لدى النصارى، ولا يعترفون به، ولأهمية ما يحتويه من معلومات، ولما بينه وبين الأناجيل الأربعة من تشابه في التعريف بالمسيح عليه السلام ودعوته نُعرِّف به هنا في نقاط مختصرة.
أ- التعريف بـ (برنابا):
برنابا: اسمه (يوسف) ويلقب ابن الوعظ، وهو لاوي قبرصي الجنسية، وهو خال (مرقس) صاحب الإنجيل فيما يقال، وكان من دعاة النصرانية الأوائل، ويظهر من إنجيله أن له مكانة لدى المسيح عليه السلام، والنصارى يرون أنه من الدعاة الذين لهم أثر ونشاط ظاهر، وكان من أعماله البارزه أنه باع حقله وأتى بقيمته من النقود ووضعها تحت تصرف الدعاة، وحين ادَّعى بولس (شاؤول اليهودي) الدخول في دين المسيح عليه السلام خاف منه الحواريون لما يعلمون من سابق عداوته، فشفع له برنابا عندهم فقبلوه ضمن جماعتهم، ثم اختلف معه بعد فترة من العمل في الدعوة سويا وانفصلا.
ب- التعريف بإنجيله:
أقدم خبر عن إنجيل برنابا كان قريباً من عام (٤٩٢) م، وذلك حين أصدر البابا (جلاسيوس) الأول أمراً يحرم فيه مطالعة عدد من الكتب، كان منها كتاب يسمَّى (إنجيل برنابا) وهذا كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يظهر له خبر بعد ذلك إلا في أواخر القرن السادس عشر الميلادي حيث عثر أحد الرهبان اللاتينيين وهو (فرامرينو) على رسائل (لإريانوس) يندد فيها ببولس، وأسند (إريانوس) تنديده هذا إلى إنجيل برنابا. فحرص هذا الراهب على الاطِّلاع على هذا الإنجيل. واتفق أنه أصبح مقرباً للبابا (سكتس) الخامس، ودخل معه يوماً إلى مكتبته فأخذت البابا غفوة نام فيها، فأخذ (فرامرينو) يطالع في مكتبته رغبة في قطع الوقت، فوقعت يده على هذا الكتاب فوضعه في ثوبه وأخفاه، ثم استأذن بعد أن أفاق البابا، وخرج فطالع الكتاب بشغف شديد، ثم أسلم على إثر ذلك - بيَّن هذه المعلومات المستشرق سايل في مقدمة ترجمته للقرآن الكريم- ثم في أوائل القرن الثامن عشر عام (١٧٠٩) م, عثر (كريمر) أحد مستشاري ملك بروسيا على نسخة لإنجيل برنابا باللغة الايطالية، عند أحد وجهاء مدينة أمستردام- حيث كان يقيم وقتئذ - وأهداها (كريمر) إلى الأمير (إيوجين سافوي) لولعه بالعلوم والآثار التاريخية، ثم انتقلت تلك النسخة فيما بعد- وذلك عام (١٧٣٨) م- مع جميع مكتبة ذلك الأمير إلى مكتبة البلاط الملكي في فينا، حيث هي موجودة الآن، ثم ترجمت إلى الإنجليزية، وعنها إلى العربية من قبل الدكتور خليل سعادة، وهو لبناني نصراني. وكان يوجد لهذا الكتاب نسخة أخرى بالإسبانية، يظن أنها منقولة عن الإيطالية عُثِرَ عليها في أوائل القرن الثامن عشر أيضاً، وكانت عند رجل يدعى الدكتور (هلم) أهداها إلى المستشرق (سايل)، ثم دفعها هذا بدوره إلى الدكتور (منكهوس) الذي ترجمها إلى الإنجليزية، ودفعها مع ترجمتها عام (١٧٨٤) م, إلى الدكتور (هويت) أحد مشاهير الأساتذة في إكسفورد ببريطانيا، وعنده اختفت تلك النسخة مع ترجمتها. وقد أورد الدكتور (هويت) مقتطفات عديدة منها في دروسه، وقد اطَّلع على تلك المقتطفات خليل سعادة، مترجم كتاب إنجيل برنابا إلى العربية.
وحين ظهر هذا الإنجيل أحدث دويًّا في الأوساط النصرانية لما فيه من المعلومات المضادة لعقائدهم، فحاولوا دفعه بوسائل كثيرة، ومما زعموه:
أنه تأليف عربي مسلم، أو يهودي أندلسي تنصر ثم أسلم- وهذا في الواقع من التخرصات، ويدلُّ على بطلان تلك الدعاوى أمور منها:
١ - لماذا يؤلف رجل أسلم كتاباً للنصارى، ويفتري الكذب وهو قد دخل في الإسلام.
٢ - أن في الكتاب معلومات غير موجودة في كتب اليهود والنصارى الآن.