[تمهيد:]
هناك من يبالغ في قوة الصهيونية مبالغة كبيرة جدًّا، وهناك من يهون من شأنها، والحقيقة، كما قيل: تضيع بين التهوين والتهويل.
ومن استقرأ الواقع تبيَّن له أن اليهود يعيشون الآن فترة علوٍّ استثنائية.
وقد حقَّقوا الكثير مما يصبون إليه، والواقع يشهد بذلك.
ولم يكونوا ليحققوا ذلك إلا لأسباب عديدة منها:
١ - أخذهم بالأسباب.
٢ - انغماس الناس في الشهوات، وركونهم للحياة الدنيا، وخصوصاً المسلمين.
٣ - ترك فريضة الجهاد، وتعطيل السنن الربانية.
٤ - أن هذا الاستعلاء الاستثنائي إنما هو استدراج وإملاء وإمهال من الله لهم، وهو في الوقت نفسه امتحان للمسلمين وعقوبة لهم.
٥ - الخواء الروحي عند الغرب، والطغيان الكنسي.
٦ - تخلِّي أمة الإسلام عن مهمتها في قوامة البشرية.
ومن هذا المنطلق حقَّق اليهود كثيراً من أهدافهم.
وهم عندما يضعون الخطط لا يستطيعون الجزم بتحقيقها، وغالباً ما يخفقون، إلا أنهم يضعون احتمالات كثيرة لكل عمل يعملونه.
وما نراه الآن في هذا العالم دليل واضح على أنهم نجحوا في تنفيذ مخططاتهم.
ومن خلال نظرة سريعة على الإعلام العالمي، والتعليم، والاقتصاد، والاجتماع، والرياضة، والفن يتبين لنا مدى نجاحهم.
ولعل أهم هدف سعوا من أجله واجتهدوا في الحصول عليه هو استيطانهم في فلسطين، فما سبب حرصهم عليها؟ وكيف حصلوا عليها؟ وهل اكتفوا بها؟ وماذا يريدون بعد ذلك؟
هذا ما سيتبين في الفقرة الآتية.
المصدر: رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد - ص١٠١، ١٠٢