للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسرة السادسة: مقاومة المسلمين للنصرانية وبغضهم للمناشط النصرانية: أخبر الله في محكم تنزيله عن صفة هذه الأمة في الكتب السابقة، فقال جل ثناؤه: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: ٢٩]. وقال عزَّ من قائل: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:٢٢]. فالحمد لله الذي وفَّق هذه الأمة للتمسك بدينها، وغرس في قلوب أبنائها منافرة أعدائها، فمهما ضعفت الأمة، ومهما افتقرت، ومهما تناحرت فيما بينها، إلا أنها تبقى وفيَّة لدينها، كافرة بمن كفر بربها، كارهة لكل كافر يلبس لبوس الرحمة والشفقة؛ ليقدم لها في يوم جوعها لقمة تسد رمقها؛ ليسرق منها دينها، وينتهك عفافها (١)، ولما ذكر تشارلس كرافت أحد أساليب فرض النصرانية بالقوة في المجتمعات الإسلامية، قال معلقا على ذلك: (لقد قاوم المسلمون بصورة عامة- بالطبع- هذا الإكراه الثقافي وخاصة في المسائل اللاهوتية، وبهذا تركونا بدون استراتيجية تنصيرية، علينا لذلك أن نتعلم كيف نكسب أو ننال حق الإصغاء إلينا) (٢).

وقال زويمر في كلمته التي ألقاها أثناء انعقاد مؤتمر القدس التنصيري عام (١٩٣٥) م, ردا على ما أبداه المنصرون من روح اليأس التي كانت مخيمة على المؤتمرين: (إني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين، لقد كانوا كما قلتم أحد ثلاثة:

١ - إما صغير لم يكن له من أهله من يعرِّفه ما هو الإسلام.


(١) خير شاهد على ذلك موقف المسلمين المستضعفين في الصومال الذين شردتهم الحرب وأرهقهم الجوع والمرض ولم يمدوا أيديهم إلى الجمعيات التنصيرية.
(٢) ((التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي)) (ص: ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>