للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إما رجل مستخفٌّ بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته، وقد اشتدَّ به الفقر، وعزَّت عليه لقمة العيش.٣ - وإما آخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية (١).وهذا منصِّر آخر بعد أن ذكر حسد المنصِّرين للمسلم على عبادته لربه وخضوعه واستسلامه له، وأن تقوى المسلم وولاءه لربه ودينه كادت أن تجرَّ المنصِّرين إلى ترك حقائق دينهم؛ لشدة إعجابهم بتقوى المسلمين، فيقول: (ويمكن أن يكون العاملون في مجال التنصير في هذه الأيام- والذين كيَّفتهم الظروف- قد تأثَّروا كثيرا بالتقوى والولاء الديني لكثير من المسلمين حتى كادوا يهملون حقائق الشهادة الإنجيلية الواضحة تماما، والتي تعرضنا لها قبل قليل، وكان تركيزهم منصبًّا على هذه التقوى المثيرة للإعجاب بحيث إنهم جعلوها نقطة البداية في تفسيراتهم اللاهوتية حول المواجهة الدينية، لقد وقفوا بكل رهبة أمام المسلم المنهمك في عبادة الله وقوته وعظمته، وتجاوبوا مع التزامه المحسوس للخضوع لرغبة الله، إنهم يحسدون غيرة المسلم على عبادة الرب الواحد الذي يتصرَّف في ملكوته .. إلى أن يقول: سيكون غريبا ومزعجا أن تواجه مسلما ورعا) (٢).وقد تضمَّن البحث الذي قدَّمه جورج بينرز بعنوان: (نظرة شاملة عن إرساليات التنصير العاملة وسط المسلمين) أسباب قلة المسلمين الذين تحوَّلوا إلى النصرانية فقال: (أولا: كان المسلمون عبر تاريخهم متدينين ومتشددين ومكافحين، بل أكثر المتدينين تعصبا) (٣).

وأقول: أبشر بالذي يسوؤك؛ فكل يوم يمرُّ يكتشف فيه المسلمون النصارى على حقيقتهم، وتنكشف أمامهم غايات النصارى وأهدافهم مما يزيدهم منافرة لكم ومقتا لأعمالكم، ووحشة من طروحاتكم. فالحمد لله الذي جعل إنفاقكم لأموالكم في هذا السبيل خسارة عليكم، وأعمالكم حسرات عليكم، قال تعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: ١٦٧]. وكما أن أعمالهم حسرات عليهم، فإن تكذيبهم بهذا القرآن حسرة عليهم يوم القيامة، قال تعالى: وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ [الحاقة: ٤٨ - ] ٥٠. وما ذاك إلا لأنهم استحبُّوا الحياة الدنيا على الآخرة، وصدوا عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، قال تعالى: الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ [إبراهيم: ٣]. وقال جل ثناؤه: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ [هود: ١٩ - ٢٠].

المصدر: التنصير لعبد الرحمن الصالح

ويتضح مما سبق:


(١) ((تنصير المسلمين)) (ص: ٢٠).
(٢) ((تنصير المسلمين)) (ص: ١٨٦).
(٣) ((تنصير المسلمين)) (ص: ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>