جاء في سفر (حجي)(٢/ ٧) - أن حجي وهو أحد أنبيائهم - أخبر بني إسرائيل بعد تدمير الهيكل وسبيهم إلى بابل وعودتهم مرة أخرى بما قال الله له معزياً لهم:(لأنه هكذا قال رب الجنود: هي مرة بعد قليل فأزلزل السموات، والأرض، والبحر، واليابسة، وأزلزل كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً، قال رب الجنود: ولي الذهب يقول رب الجنود: مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول، قال رب الجنود: وفي هذا المكان أعطي السلام يقول رب الجنود).
فقوله هنا:(مشتهى كل الأمم). ترجمة بالمعنى لكلمة (حمدا) بالعبري، كما يقول البرفسور عبد الأحد داود والتي لازالت مكتوبة بالعبري بهذا اللفظ والتي تعني المشتهى، والشهية، والشائق، وأن هذه الكلمة (حمداً) بالعبري يوازيها بالعربي (أحمد) فتكون نصا صريحاً، وكذلك قوله بعد:(وفي هذا المكان أعطي السلام). والسلام والإسلام شيء واحد، وقد جاء السلام إلى بيت المقدس برحلة النبي عليه الصلاة والسلام إليه في الإسراء، ثم بفتحه في عهد عمر رضي الله عنه.
ثم إن ما تعلق بعد ذلك من الأحداث بمجيء (حمدا) لا تنطبق إلا على نبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، فبعد خراب بيت المقدس سنة (٧٠) م لم يعد له مجد إلا على يد المسلمين، وهو مجد أعظم من مجده السابق، وما أحدثه الإسلام في الأرض بأن زلزل الدول، وأهلك الله جلَّ وعلا على يد المسلمين أهل الذهب القياصرة، وأهل الفضة الفرس، وصارت أموالهم تنفق في سبيل الله، كل هذا لم يفعله أحد من اليهود، ولم يفعله المسيح عليه السلام، ولم يتحقق إلا على يد نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضوان الله عليهم وأتباعهم.