تواجه الصهيونية- كفكرة وحركة ومنظمة ودولة- أزمة عميقة لعدة أسباب، من بينها انصراف يهود العالم عنها. فالصهيونية لا تعني لهم الكثير، فهم يفضلون إما الاندماج في مجتمعاتهم أو الهجرة إلى الولايات المتحدة، وقد تدهورت صورة المُستوطن الصهيوني إعلاميًّا بعد الانتفاضة؛ إذ إن هذه الدولة الشرسة أصبحت تسبب لهم الحرج الشديد. وقد أدَّى هذا إلى أن المادة البشرية المُستهدَفة ترفض الهجرة، الأمر الذي يسبب مشكلة سكانية استيطانية للمُستوطَن الصهيوني. ويُلاحَظ تزايد حركات رفض الصهيونية، والتملص منها، وعدم الاكتراث بها بين يهود العالم.
وعلى المستوى الأيديولوجي، يُلاحَظ، في عصر نهاية الأيديولوجيا وما بعد الحداثة، أن كل النظريات تتقلص ويختفي المركز، والشيء نفسه يسري على الصهيونية؛ إذ إن إيمان يهود العالم بها قد تقلَّص تماماً، ولذا فإن من يهاجر إلى إسرائيل إنما يفعل ذلك لأسباب نفعية مادية مباشرة. وفي داخل إسرائيل، تظهر أجيال جديدة تنظر إلى الصهيونية بكثير من السخرية. وعلى المستوى التنظيمي، تفقد المنظمة كثيراً من حيويتها، وتصبح أداة في يد الدولة الصهيونية، وتُقابَل اجتماعاتها بالازدراء من قبَل يهود العالم والمستوطنين في فلسطين. ولم تغيِّر اتفاقية أوسلو من الأمر كثيراً، بل لعلها تُسرع بتفاقم أزمة الصهيونية، باعتبار أن الدولة ستصبح أكثر ثباتاً واستقراراً، وستتحدد هويتها كدولة لها مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية المتشعبة التي ليس لها بالضرورة علاقة كبيرة بأعضاء الجماعات اليهودية في العالم.
وهذه المرحلة شهدت تحول الفكرة الصهيونية، الاستيطانية الإحلالية، إلى واقع استيطانى إحلالي، إذ نجحت الدولة الصهيونية في طرد معظم العرب من فلسطين، واستبعاد من تبقَّى منهم. وأصبحت الدولة الصهيونية هي الدولة/ الشتتل أو الدولة/ الجيتو، المرفوضة من السكان الأصليين، أصحاب الأرض.
ولكن في عام (١٩٦٧) م، مع ضم المزيد من الأراضي العربية بمن عليها من بشر، تحوَّلت الدولة الصهيونية من دولة استيطانية إحلالية إلى دولة استيطانية مبنية على التفرقة اللونية (الأبارتهايد) الأمر الذي يتبدى في المعازل والطرق الالتفافية. وشهدت هذه الفترة مولد المقاومة الفلسطينية المنظمة وتصاعدها، واندلاع الانتفاضة المباركة، التى استمرت ما يزيد عن ستة أعوام، ولم تنطفئ جذوتها بعد، وهى بذلك تكون أطول حركة عصيان مدني في التاريخ.
المصدر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب المسيري ٦/ ١٣٣ فما بعدها
يتضح مما سبق:
أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في فلسطين، واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين، وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري، وتحض على الانتقام من غير اليهود. وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم.
المصدر:الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي