للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك أنهم وضعوا غرفاً فيها آلات رهيبة للتعذيب، منها: آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري, وكانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيًّا حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم.

ومن ذلك أن هناك آلة للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة يلقى بها المعَّذب، ثم يطبقون بابه وخناجره, فإذا أغلق مَزَّق جسم المعذب المسكين وقطَّعة إرباً إرباً. وهناك آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج منها اللسان (١).

ثم بعد ذلك كان هناك تفكير ذكي اتعظ بالهزائم العسكرية المتلاحقة التي مني بها الغرب، ونقَّب عن السر العظيم لصلابة المسلمين، وانتفاضتهم المفاجئة، ووجد السر فعلاً؛ أنه الإسلام نفسه ولا شيء سواه. ولقد فكَّر الغرب في تحطيم تلك القوة وذلك الرصيد في نفوس المسلمين، ووضع خطته الخبيثة بناء على النتيجة, خطة لا تقوم على إبادة المسلمين، ولا على احتلال أراضيهم، وإنما تقوم على إبادة الإسلام نفسه، واقتلاعه من نفوس أبنائه وضمائرهم، أو تقليص دائرته، وعزله عن واقع الحياة (٢).

وبدؤوا بالسير حثيثاً في سبيل ذلك الأمر، وأخذوا بوصية لويس التاسع الذي أُسِر بالمنصورة في إحدى الحروب الصليبية، وعندما خرج أوصى قومه بأن يعملوا على إذابة الإسلام من نفوس أهله، وإطفاء تلك الجذوة التي ما تفتأ تعود بقوة بعد أن يُظنَّ أن المسلمين قد انتهوا تماماً، ألا وهي العقيدة.

فطالما أن جذوة العقيدة تتقد في قلوب المسلمين فإنهم لن يهزموا، وإن هزموا فسيعودون مرة أخرى.

فما الحل إذاً، وكيف تهزم هذه الأمة؟

أخذ الغرب يبحث عن الحل فارتأى أن الحلَّ هو حرب العقيدة نفسها.

وقد سلكوا في هذا السبيل وسائل عديدة امتازت بالدقة والتنظيم، وتتلَّخص جهودهم في عدة وجوه وهي:

١ - الاستشراق.

٢ - الاحتلال العسكري.

٣ - التنصير (التبشير).

المصدر:رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد ص١٦٣ - ١٦٨


(١) انظر ((قادة الغرب)) (ص ١٦ - ١٧ - ١٨).
(٢) انظر ((العلمانية)) (ص ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>