للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مجال الدعاية والتأثير على الرأي العام الأمريكي، فإن اللوبي الصهيوني بالمعنى المحدد للكلمة، وبالمعنى العام، نجح في جعله موالياً لإسرائيل بصورة عامة. وهذا النجاح لا يرجع فقط إلى الدعاية المنظمة والمؤتمرات، وإنما يرجع أيضاً لقدرة اللوبي الصهيوني على عقد تحالفات دائمة مع جماعات المصالح الأخرى، مثل العمال والمرأة والمنظمات الدينية، وتلك التي تمثل الأقليات الأخرى، وجمعيات حقوق الإنسان، واستخدام هذه الجماعات للتأثير على الرأي العام والكونجرس.

ولا يعمل اللوبي الصهيوني (بالمعنى العام الشائع) بشكل مستقل عن الحركة الصهيونية، وإنما ينسق معها. وعندما يُثار موضوع مهم، فإن قادة مؤتمر الرؤساء ولجنة الشئون العامة يحتفظون باتصال وثيق مع العاملين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن ومع المستويات العليا في الحكومة الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كلتا المنظمتين لديها القدرة على تنسيق أنشطتها مع الجماعات الصهيونية على المستوى العالمي من خلال المنظمة الصهيونية.

هذا هو المعنى الشائع، ولكننا سنطرح معنى ثالثاً غير شائع؛ إذ إننا نذهب إلى أن اللوبي الصهيوني لا يتكون من عناصر يهودية وحسب، وإنما يضم عناصر غير يهودية أيضاً، وهو يضم كل أصحاب المصالح الاقتصادية الذين يرون أن تفتيت العالم العربي والإسلامي يخدم مصالحهم، وأعضاء النخبة السياسية والعسكرية ممن يتبنون وجهة نظرهم. كما يضم اللوبي الصهيوني كثيراً من الليبراليين ممن كانوا يدعون إلى اتخاذ سياسة ردع نشيطة ضد الاتحاد السوفييتي (سابقاً)، وكثيراً من المحافظين الذين يرون في إسرائيل قاعدة للحضارة الغربية وقاعدة لمصالحها، كما يضم جماعات الأصوليين (الحَرْفيين) ممن يرون في دولة إسرائيل إحدى بشائر الخلاص.

ولا يُوظِّف اللوبي اليهودي الصهيوني عناصر اليهودية والصهيونية وحسب، وإنما يُوظِّف عناصر ليست يهودية ولا صهيونية (بل قد تكون معادية لليهود واليهودية) ولكنها مع هذا تُوظِّف نفسها دفاعاً عنه وعن مصالحه، بسبب الدور الذي تؤديه الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط، وبسبب تلاقي المصالح الإستراتيجية الغربية والصهيونية.

اللوبي اليهودي والصهيوني: الأطروحة الشائعة

Jewish and Zionist Lobby: The Dominant Hypothesis

يُعَدُّ اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع) أداة ضغط فعالة في يد من يمثلون مصالح الدولة الإسرائيلية. ولا يستطيع أي دارس أن ينكر قوة اللوبي الذاتية التي يمكن تلخيص مصادرها فيما يلي:

١ ـ يستند اللوبي اليهودي والصهيوني إلى قاعدة واسعة من الناخبين من أعضاء الجماعة اليهودية.

٢ ـ توجد بين هؤلاء الناخبين نسبة عالية من الأثرياء، يُقدَّر أنهم يتبرعون بأكثر من نصف مجموع الهبات الكبرى للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، إضافة إلى مبالغ ضخمة لحملات الحزب الجمهوري.

٣ ـ ازدادت أهمية هؤلاء الناخبين بعد الزيادة الهائلة في كلفة الحملات الانتخابية.

٤ ـ من أسباب قوة اللوبي اليهودي والصهيوني ارتفاع المستوى التعليمي لأعضاء الجماعات اليهودية.

٥ ـ يوجد عدد كبير من المثقفين الأمريكيين اليهود الذين أصبحوا جزءاً عضويًّا من النخبة الحاكمة، فهم أبناء حقيقيون للمجتمع الأمريكي لا يعيشون على هامشه أو (في مسامه) وإنما في صلبه، وهو ما يجعلهم قادرين على ممارسة الضغط والتأثير بشكل مباشر.

٦ ـ الجماعة اليهودية جماعة منظمة لدرجة كبيرة، وهذا يجعلها قادرة على مضاعفة قوتها، وزيادة نفوذها لدرجة لا تتناسب مع أعداد أعضائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>