وقد جاءت نصوص كتابية عدة تؤكد أمية النبي القادم منها ما سبق في سفر التثنية (أجعل كلامي في فمه) (التثنية ١٨/ ١٨)، وما جاء في إشعيا (أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة، فيقال له: اقرأ، فيقول: لا أعرف الكتابة) (إشعيا ٢٩/ ١٢).وفي غير الترجمة العربية المتداولة (لا أعرف القراءة) وهي تماثل - كما سبق - قول النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء: ((ما أنا بقارئ)) (١).
٣ - كونه مبارك إلى الأبد، صاحب رسالة خالدة (باركك الله إلى الأبد ... كرسيك يا الله إلى دهر الدهور).
٤ - كونه صاحب سيف يقهر به أعداءه لإقامة الحق والعدل (تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار ... بجلالك اقتحم. من أجل الحق والدعة والبر، فتريك يمينك مخاوف. نُبُلك المسنونة في قلب أعداء الملك، شعوب تحتك يسقطون).
والمسيح عليه السلام لم يحمل سيفاً ولا أسقط أعداءه، ولا صوَّب نبله في قلوب أعدائه لنشر دعوة الحق، كما لم يكن ملكاً في قومه.
٥ - وهذا النبي محب للخير، مبغض للإثم كحال جميع الأنبياء، لكن الله فضله عليهم.
(مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك).
٦ - يؤتى لهذا النبي بالهدايا لعزه، وبنات الملوك يكن في خدمته أو في نسائه (بنات ملوك بين حظياتك .. بنت صور أغنى الشعوب تترضى وجهك بهدية ... ).
وقد تزوج النبي بصفية بنت حيي بن أخطب سيد قومه، كما أهديت إليه مارية القبطية، وكانت شهربانو بنت يزدجر ملك فارس تحت ابنه الحسين رضي الله عنه.
٧ - تدين له الأمم بالخضوع، وتدخل الأمم في دينه بفرح وابتهاج (بملابس مطرزة وتحضر إلى الملك، في إثرها عذارى صاحباتها، مقدمات إليك، يحضرن بفرح وابتهاج يدخلن إلى قصر الملك).
٨ - يستبدل قومه بالعز بعد الذل (عوضاً عن آبائك يكون بنوك، تقيمهم رؤساء في كل الأرض).
٩ - يكتب له الذكر الحميد سائر الدهر (أذكر اسمك دور فدور، من أجل ذلك تحمدك الشعوب إلى الدهر والأبد) فهو أحمد ومحمد صلى الله عليه وسلم.
- داود عليه السلام يبشر بنبي من غير ذريته:
ويتحدث داود عن النبي القادم فيقول: (قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك، يرسل الرب قضيب عزك من صهيون، تسلط في وسط أعدائك شعبك، فتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة .. أقسم الرب ولن يندم: أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. الرب عن يمينك، يحطم في يوم رجزه ملوكاً يدين بين الأمم، ملأ جثثاً، أرضاً واسعة سحق رؤوسها .. ) (المزمور ١١٠/ ١ - ٦).
ويرى اليهود والنصارى في النص نبوءة بالمسيح القادم من ذرية داود من اليهود.
وقد أبطل المسيح لليهود قولهم، وأفهمهم أن القادم لن يكون من ذرية داود، ففي متى: (كان الفريسيون مجتمعين، سألهم يسوع: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالو له: ابن داود. قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك، فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيب بكلمة) (متى ٢٢/ ٤١ - ٤٦) وفي مرقص (فداود نفسه يدعوه ربا. فمن أين هو ابنه) (مرقص ١٢/ ٣٧) و (انظر لوقا ٢٠/ ٤١ – ٤٤).
وتسمية عيسى عليه السلام للنبي بالمسيح سبق التنبيه عليها.
فلقب (المسيح المنتظر) يتعلق بمسيح يملك ويسحق أعداءه، وهو ما رأينا تنكر المسيح عليه السلام له في مواطن عديدة، منها أنه قال لبيلاطس: (مملكتي ليست في هذا العالم) (يوحنا ١٨/ ٣٦)، أي: أنها مملكة روحية.
(١) رواه البخاري (٣) ومسلم (١٦٠)