للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ الدكتور سفر الحوالي - حفظه الله -: ومنذ أن أحكمت اليهودية العالمية أنشوصتها على العالم الغربي الذي أوقعته أسيراً في شباكها الأخطبوطية اتخذت العداوة مساراً واحداً تحفزه الروح الصليبية، وتوجهه الأفعى اليهودية؛ فقد تشابكت، وتداخلت مصالح الطرفين. وكان الغرب الصليبي مستعدًّا للتخلي عن كل حقد وعداوة إلا عداوته للإسلام في حين كانت الخطط التلمودية تروم تسخير العالم الصليبي بعد أن شلَّت قواه، وركبت رأسه للقضاء على عدوها الأكبر الإسلام (١).

ويقول الشيخ - حفظه الله -: وتجدر الإشارة إلى أن خطة العمل الموحد المشترك بين الصليبية واليهودية أصبحت لزاماً وواجباً على كلا الطرفين بعد الموقف الصلب الذي واجه به السلطان عبد الحميد هرتزل؛ إذ تعين بعدها أن القضاء على الخلافة الإسلامية ضروري لمصلحة الفريقين: النصارى الذين كانت لهم دولهم الاستعمارية تتحين الفرصة للأخذ بثأر الحروب الصليبية، واليهود الذين أيقنوا أن فشلهم مع السلطان يستوجب التركيز على العالم الصليبي، وتسخيره لمآربهم التلمودية. وبلغت الخطة ذروة التوحد بعد قرار المجمع الماسوني الذي ينص على تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام، والذي كان يهدف إلى محو كل أثر عدائي مسيحي لليهود، وبالتالي إيجاد كتلة يهودية نصرانية واحدة لمجابهة الإسلام (٢).

وهكذا نجد أن اليهود والنصارى متعادون متناحرون لا يجمعهم سوى مصالحهم، وأعظم مصلحة يجتمعون عليها هي عداء الإسلام والمسلمين.

وما نراه اليوم من تحالف بين أمريكا وإسرائيل, وما وعد بلفور المشؤوم إلا نموذج لذلك التحالف.

وقد تبنَّى بعض النصارى في أمريكا وأوربا فكرة وجود إسرائيل الحديثة على أنها تحقيق لنبوآت الكتاب المقدس، وعلامةٌ على قرب عودة المسيح إلى الأرض ثانية؛ حيث إنهم يعتقدون أن المسيح سينزل في آخر الزمان، وهم متفقون مع المسلمين في هذه القضية إلا أن اليهود - بخبثهم ومكرهم وبغباء النصارى- حوَّلوا هذه القضية لصالحهم؛ فاليهود يعتقدون بمجيء مُنْتَظر؛ لأنهم يعتقدون أن عيسى عليه السلام كذَّاب دجال.

أما المنتظر الذي ينتظرونه فهو - ملك السلام - كما يزعمون، وفي الحقيقة هو المسيح الدجال.

ومن هنا غرَّروا بالنصارى، وقالوا: لابد أن نعمل بما اتفقنا عليه، وهو أن المسيح سينزل, أما من هو المسيح الذي سينزل فسنتركه جانباً؛ فاليهود يعتقدون بأن النصارى سينتهون إذا جاء منتظرهم، والنصارى بعكسهم، حيث يعتقدون بأن المسيح إذا نزل سيقتل كل من لم يدخل في المسيحية.

ومن المؤتمرات التي عقدت بهذا الصدد المؤتمر المسيحي الصهيوني الدولي الذي عقد في إبريل عام (١٩٨٨) م, في إسرائيل، وألقى فيه إسحاق شامير رئيس الوزراء بنفسه كلمة الافتتاح.

وفي كلمته التي اتسمت بالعاطفة والحماسة أكد شامير - وبكل وضوح - استمراره في تثبيت أركان الدولة الصهيونية، ومقاومة الفلسطينيين بكل الوسائل. وفي نهاية كلمته وقف كل المستمعين لتحيته، وذلك حينما دعاهم لأن يدعوا كل مسيحيي العالم لتعضيد دولة إسرائيل (٣).وفي هذا المؤتمر قال أحد القساوسة المشاركين فيه، وهو (فان درهوفيه) قال: إن الكنيسة التي لا تتبع هذا الطريق - تأييد إسرائيل - سوف تنتهي مثل الدخان (٤).

ولعلنا نجد من ثمار ذلك ما تقوم به الدول الغربية من حماية لمصالح اليهود، والحرص على هجرتهم، وتشجيعها، وتسهيل ذلك، أو محاولة تخفيف عداء المسلمين لليهود.


(١) ((العلمانية)) (ص ٥٣٢).
(٢) ((العلمانية)) (ص ٥٣٤).
(٣) انظر ((مجلة المجتمع)) (ص٢٣, العدد ٩٨٢).
(٤) ((مجلة المجتمع)) (ص ٢٣, العدد ٩٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>