- مجمع ترنت (١٥٤٢ - ١٥٦٣) م: الذي عقد على أثر ثورات الإصلاح التي علا صوتها بعد إعدام حناهس التي من أبرزها ثورة مارتن لوثر التي ساندتها الحكومة والشعب الألماني. وفي الوقت نفسه كان في سويسرا ثورة أخرى بقيادة الرخ زونجلي، ليعارض الكنيسة، ويؤيد دعوة لوثر، فعُقِد مجمع ترنت ليقرر عدم قبول آراء الثائرين، ويقضي بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش، ثم ليصدر البابا ليو العاشر قراراً بحرمانه من الحقوق المدنية والرئيسية والقانونية، ليظهر بعد ذلك معارض ثالث في فرنسا: جون كلفن (١٥٠٩ - ١٥٦٤) م, الذي هرب إلى سويسرا لينشر مبادئ مارتن لوثر، ويجمع حولها الأنصار، وتؤيده في ذلك بعض الدول؛ ليتقلص نفوذ الكنيسة الغربية - الكاثوليكية- وتنفصل عنها كنيسة جديدة - البروتستانتية - لتزيد من الفرقة والشقاق في العالم النصراني، ولتشتعل الحروب الطاحنة بين الكنيستين لعدة سنوات التي ذهب ضحيتها خلق كثير، حتى أمكن التوصل إلى صلح - صلح أوجزبرج - سنة (١٥٥٥) م, على أساس إقرار مبدأ إسيبير الأول سنة (١٥٢٦) م, القائل بأن لكل أمير الحق في اختيار المذهب الذي يريد سريانه في إمارته. وهكذا غربت شمس الكنيسة الكاثوليكية، وتقلَّص سلطانها؛ إذ أصبح بمقدور كل دولة الخروج على سلطة البابا.
- مجمع روما (١٧٦٩) م: في هذا الجو العاصف بالحركات الثائرة على الكنيسة عُقِد هذا المجمع ليحدث مزيداً من الانشقاق داخل الكنيسة بسبب تقريره عصمة البابا، لتظهر جماعة من المخالفين للقرار، سمَّوا أنفسهم بالكاثوليك القدماء.
- موقف الكنيسة من العلم والعلماء: ما أن ظهرت في أوروبا بوادر ما يسمى بالنهضة العلمية المتأثرة بحضارة المسلمين في الأندلس بعد ترجمة العلوم الإسلامية واليونانية إلى اللاتينية، وبرز عدد من العلماء الذين بيَّنوا بطلان آراء الكنيسة العلمية، وبخاصة في الجغرافيا والفلك، حتى تصدَّت لهم الكنيسة استناداً على ما ورد في الإصحاح الخامس من إنجيل يوحنا:(إن كان أحد لا يثبت فيَّ، يُطرح خارجاً كالغصن فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق). ولذلك استخدمت ضدهم الرقابة على الكتب والمطبوعات؛ لئلا يذيعوا آراءً مخالفةً للعقيدة الكاثوليكية، وتوسَّعوا في تشكيل محاكم التفتيش ضدهم، وقد حكمت تلك المحاكم في الفترة من (١٤٨١ - ١٤٩٩) م, على تسعين ألفاً وثلاثة وعشرين شخصاً بأحكام مختلفة، كما أصدرت قرارات تحرِّم قراءة كتب جاليليو وجيوردا نويرنو، وكوبرنيكوس، ونيوتن؛ لقوله بقانون الجاذبية الأرضية، وتأمر بحرق كتبهم. وقد أحرق بالفعل الكاردينال إكيمنيس في غرناطة ثمانية آلاف كتاب مخطوط؛ لمخالفتها آراء الكنيسة.