لاقت دعوة زوينجلي التأييد من السلطات الحكومية في مدينة زيوريخ، فشاعت لذلك دعوته، وأصبح زعيماً للبروتستانت في جنوب ألمانيا ومعظم سويسرا. في عام (١٥٢٩) م, وفي مدينة ماربورج التقى زوينجلي بمارتن لوثر، وتناقشا حول إصلاح الكنيسة، واختلفا حول فرضية أو سرِّ العشاء الرباني، كما اختلفا في أسلوب معارضة الكنيسة الكاثوليكية، حيث استخدم زوينجلي القوة في سبيل نشر مبادئه ابتداءً من الحظر التجاري الذي فرضه على بعض المقاطعات الكاثوليكية في شرقي سويسرا، حتى القتال والصدام مع رجال الكنيسة الذي قُتل فيه، وهُزم أتباعه في كاييل عام (١٥٣١) م. ذابت تعاليم زوينجلي في تعاليم جون كالفن التي ارتكز في بعضها على عقيدته. -جون كالفن:(١٥٠٩ - ١٥٦٤) م: ولد ونشأ في فرنسا، وتثقَّف بثقافة قانونية، لكنه مال عنها إلى الدراسة اللاهوتية، فتأثَّر بآراء مارتن لوثر دون أن يقابله بواسطة بعض أقاربه وبعض أساتذته. شارك في إعداد خطاب ألقاه نيكولاس كوب مدير جامعة السربون بفرنسا التي كانت مركزاً لأكثر علماء الكاثوليكية، والذي يتضمن شرحاً لآراء مارتن لوثر؛ مما أغضب آباء الكنيسة عليه، فاضطرَّ إلى الهرب إلى جنيف في سويسرا. بعد أن عاد في الحادي والعشرين من مايو (١٥٣٤) م, إلى مدينة نويون مسقط رأسه سلّم كهنةَ كاتدرائيتها كل شارات الامتياز الأكليريكية الخاصة به، ثم هرب بصحبة نيكولاس كوب إلى جنيف في سويسرا مرة أخرى. في عام (١٥٣٥) م, شارك كلفن في حوار دعا إليه المبشرون المصلحون مع الأساقفة الكاثوليك في المدينة، الذي انتهى بانسحاب الكاثوليك، مما مكَّن دي فاريل صديق كلفن الحميم من الاستيلاء على الكنائس الرئيسية الثلاثة في المدينة: كنيسة سان بيتر، المجدلية، سان جرفيز؛ وتحويلها إلى كنائس إنجيلية أو بروتستانتية. استغلَّ كلفن استقراره في جنيف في تنظيم وتقنين مبادئ زعماء الإصلاح، وعلى رأسهم مارتن لوثر، وظهرت له مؤلفات وكتابات عديدة في ذلك، ولذلك فإنه يعد أحد مؤسسي المذهب البروتستانتي. خالف كالفن لوثر في سرِّ- فرضية- العشاء الرباني من حيث كيفية حضور المسيح العشاء، رغم اتفاقهما على عدم استحالة (أي عدم تحول) الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح. عدل كلفن عن فكرة لوثر في إشراف الحكومة على الكنائس؛ لما رأى ما يحدث للبروتستانت في فرنسا، وطالب بأن تحكم الكنيسة نفسها بنفسها، وعلى الحاكم المدني أن يساعدها ويحميها، مما كان سبباً في انقسام الكنيسة الإنجيلية إلى لوثرية وكلفينية (الإصلاحية - الكلفينية). تميَّزت حركته بالانتشار في فرنسا، فأصبحت الدين الرسمي في أسكتلندا، كما امتدت إلى المقاطعات شرق سويسرا، واعتنقها معظم سكان المجر، يقول فيشر:(أصبحت أكثر أشكال الإصلاح البروتستاني اتساعاً). تأسست جمهورية هولندا عام (١٦٦٩) م, على مبادئ البروتستانت الكليفنية بعد الحرب الدامية بين الكاثوليك والبروتستانت. نتيجةً للحرية الفردية في فهم وتفسير الكتاب المقدس لكل فرد من المؤمنين بالمذهب البروتستانتي انقسمت الحركة البروتستانتية إلى كنائس عديدة، وطوائف مختلفة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حسب إحصائيات عام (١٩٨٢) م, يوجد (٧٦,٧٥٤,٠٠٩) بروتستانتي ينتمون إلى (٢٠٠) طائفة إنجيلية.