وضع الجينيون سبعة أصول رئيسية لتطهير الروح، وتعتبر هذه الأصول أمهات المبادئ الجينية، وهي:
١ - أخذ العهود والمواثيق مع القادة والرهبان، بأن يتمسك المريد بالخلق الحميد، ويقلع عن الخلق السيئ.
٢ - التقوى، وهي المحافظة على الورع، والاحتياط في الأقوال والأعمال، وفي جميع الحركات والسكنات، وتجنب الأذى والضرر لأي كائن حي مهما كان حقيرا.
٣ - التقليل من الحركات البدنية، ومن الكلام، ومن التفكير في الأمور الدنيوية الجسمانية، حتى لا تضيع الأوقات والأنفاس الثمينة في صغار الأمور.
٤ - التحلِّي بعشر خصال هي أمهات الفضائل ووسائل الكمال وهي: العفو، والصدق، والاستقامة، والتواضع، والنظافة، وضبط النفس، والتقشف الظاهري والباطني، والزهد، واعتزال النساء والإيثار.
٥ - التفكير في الحقائق الأساسية عن الكون وعن النفس، وبعض أمور الكون وأمور النفس يُتوصَّل لها بالحواس الخمسة المادية، وبعضها لا يُتوصَّل إليها بمنظار الذهن، ومن هنا لزم استعمال الحواس المادية، واستعمال الفكر كذلك.
٦ - السيطرة على متاعب الحياة وهمومها التي تنشأ من الأعراض الجسمانية أو المادية، كمشاعر الجوع والعطش والبرودة والحرارة، وسائر أنواع الشهوات المادية، وعليه أن يضرب حصنا متينا حوله؛ للتخلص من هذه الأعراض والحواس والتأثر بها.
٧ - القناعة الكاملة، والطمأنينة، والخلق الحسن، والطهارة الظاهرية والباطنية.
وتدَّعى الجينية أن هذه المبادئ تطلق الإنسان من الوثاق الذي يشده بالحياة، ويسلب عنه الراحة الذهنية والطمأنينة القلبية، وإذا اتصف أحد بهذه الصفات السبع فإنها تخرجه من الظلمات التي تحيط به بسبب هموم الدنيا ومشاكلها العديدة حتى تصير روحه حرة طليقة تنساب في سماء المعرفة والنور العلوي، وتحيط بالعلوم الربانية والكشف الباطني، فتكون في سرور دائم ولذة معنوية مطلقة، وهذه هي الطريقة الجينية للنجاة.
درجات العلم في الفلسفة الجينية:
تقسم الفلسفة الجينية العلم خمسة أقسام حسب مصادره، وتكثير الفلسفة الجينية من التفريعات لكل قسم، ولنكشف هنا بإيراد الأقسام الخمسة الرئيسية:
١ - الإدراك بطريق الحواس أو بطريق الذهن، ويشتمل هذا الإدراك على طريق القياس والاستقراء المبنيين على المشاهدة، كما يشتمل على الفهم والحفظ والإحساس، ويستلزم هذا العلم حضور الأشياء المعلومة للحواس أولًا حتى يتمَّ إدراكها.
٢ - العلم عن طريق الوثائق المقدمة، ويُعرف هذا القسم بالعلم غير المباشر؛ لتوسط المستندات والوثائق بين من يعلم وما يعلم، وتدَّعي الجينية أن كتبهم المقدسة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة.
٣ - العلم بالوجدان المحدود، وهو إدراك ذي الصورة من الأشياء الموجودة بطريق الروح، فالمدرك هنا موجود يمكن أن يرى، ولكن لبعده مثلا لا تراه العين، وتراه الروح في هذه المرحلة من مراحل العلم. وللوصول إلى هذه المرحلة لابد من تطهير الروح من الأدران والأوساخ، والسمو بها عن الوساوس والأوهام.
٤ - العلم بالوجدان المحيط، وهو إدراك بطريق الروح لما ليست له صورة الآن، فهو إدراك يتخطَّى مسافات الأزمنة والأمكنة، يعلم ما في السماء وما في الأرض من ظاهر وباطن، وما كان فيهما، وهي مرحلة أعلى طبعا من سابقتها، وتستلزم مزيدا من الطهر والصفاء.
٥ - العلم بمخبآت الضمائر والتصورات في السرائر، فهو علم بما لم يوجد إلا من حيث إنه خاطر في الذهن، وهو أرقى درجات العلم، ولا يتمُّ إلا للذين هجروا الأهل والوطن، وطهَّروا أنفسهم بالرياضة الشاقة.
المصدر: أديان الهند الكبرى لأحمد شلبي- ص ١٢١