إن دين زردشت هو الدعوة إلى دين مارسيان، وإن معبوده أورمزد.
والملائكة المتوسطون في رسالاته إليه: بهمن وأرديبهشت وشهريور وأسفندارمز وخرداد ومرداد.
وقد رآهم زردشت واستفاد منهم العلوم.
وجرت مساءلات بينه وبين أورمزد من غير توسط:
أولها: قال زردشت: ما الشيء الذي كان ويكون وهو الآن موجود؟
قال أورمزد: أنا والدين والكلام.
أما الدين: فعمل أورمزد وكلامه وإيمانه.
وأما الكلام: فكلامه.
والدين أفضل من الكلام؛ إذ العمل أفضل من القول.
وأول من أبدع من الملائكة بهمن، وعلمه الدين وخصه بموضع النور مكانا، وأقنعه بذاته ذاتا، فالمبادئ على هذا الرأي ثلاثة.
السؤال الثاني: قال: لم لم تخلق الأشياء كلها في زمان غير متناه؟، إذ قد جعلت الزمان نصفين: نصفه متناه ونصفه غير متناه، فلو خلقتها في زمان غير متناه كان لا يستحيل شيء منها.
قال أورمزد: فإن كان لا يمكن أن تفنى ثم آفات الأثيم إبليس.
السؤال الثالث: قال مماذا خلقت هذا العالم؟
قال أورمزد: خلقت جميع هذا العالم من نفسي، أما أنفس الأبرار فمن شعر رأسي، وأما السماء فمن أم رأسي، والظفر والمعاضد فمن جبهتي، والشمس فمن عيني، والقمر فمن أنفي، والكواكب فمن لساني، وسروس وسائر الملائكة فمن أذني، والأرض فمن عصب رجلي.
وأريت هذا الدين أولا كيومرث، فشعر به، وحفظه من غير تعلم ولا مدارسة.
قال زردشت: فلماذا أريت هذا الدين كيومرث بالوهم وألقيته إليَّ بالقول؟
قال أورمزد: لأنك تحتاج أن تتعلم هذا الدين وتعلِّمه غيرك، وكيومرث لم يجد من يقبله، فأمسك عن التكلم وهذا خير لك؛ لأني أقول وأنت تسمع، وأنت تقول والناس يسمعون ويقبلون.
فقال زردشت لأورمزد: هل أريت هذا الدين أحدا قبلي غير كيومرث؟
قال: بلى أريت هذا الدين جم خمسين نجما مخمسا من أجل إنكاره الضحاك.
قال: إذا كنت عالما أنه لا يقبله فلماذا أريته؟
قال: لو لم أره لما صار إليك، وقد أريته أيضا أفريدون وكيكاوس وكيقباد وكشتاسب.
قال زردشت: خلقك العالم وترويجك الدين لأي شيء؟
قال: لأن فناء العفريت الأثيم لا يمكن إلا بخلق العالم وترويج الدين، ولو لم يتروج أمر الدين لما أمكن أن تتروج أمور العالم
المصدر: الملل والنحل للشهرستاني – ١/ ٢٨٥