للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢_ الأوقاف: فلقد كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافاً للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية.

إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول إلى درجة لا تكاد تصدق.

٣_ العشور: حيث فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة العشور، وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغله الأراضي الزراعية، والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين.

٤_ ضريبة السنة الأولى: فالكنيسة لم تقنع بالأوقاف، والعشور، بل فرضت الرسوم، والضرائب الأخرى، لاسيما في الحالات الاستثنائية؛ كالحروب الصليبية، والمواسم المقدسة، وظلت ترهق كاهل رعاياها.

فلما تولى البابا حنا الثاني والعشرون جاء ببدعة جديدة هي (ضريبة السنة الأولى).

وهي مجموع الدخل السنوي الأول لوظيفة من الوظائف الدينية، والإقطاعية تدفع للكنيسة بصفة إجبارية، وبذلك ضمنت الكنيسة مورداً مالياً جديداً.

٥_ الهبات والعطايا: وذلك أن الكنيسة كانت تحظى بالكثير من العطايا والهبات، يقدمها الأثرياء الإقطاعيون؛ تملقاً ورياءاً، أو بدافع من الصدقة والإحسان.

٦_ العمل المجاني _السخرة_: وذلك بقيام بعض الناس بالعمل لخدمة الكنيسة بالمجان مدة محددة، هي في الغالب يوم واحد في الأسبوع دون مقابل.

ثانياً: الصراع بين الكنيسة والعلم:

فلقد قام الصراع بين الكنيسة والحقائق العلمية على أشده، فلقد كانت الكنيسة هي المصدر الوحيد للمعرفة، فلما ظهرت بعض الحقائق العلمية التي تخالف ما تقرره الكنيسة كنظرية كوبرنيق (١٥٤٣م) الفلكية، ومن بعده (جردانو برونو) وغيرها من النظريات _ حصل الصراع بين الكنيسة وبين العلم، ومن هنا اصطدمت حقائق العلم بزيوف الكنيسة؛ فقامت الكنيسة بالقبض عليهم، وتكذيبهم، ومحاربة أفكارهم.

ومن ثم نشأت الفكرة القائلة: إن العلم لا صلة له بالدين، وإن الدين يحارب العلم.

ثالثاً: الاضطرابات والثورات التي قامت في أوروبا:

كالثورة الفرنسية، وغيرها، تعد من أسباب قيام العلمانية.

رابعاً: شيوع المذاهب والأنظمة الاجتماعية والنظريات الهدامة كنظرية التطور وغيرها.

خامساً: الخواء الروحي عند الأوروبيين؛

ذلك؛ لأن النصرانية المحرفة لا تزكي الروح، ولا تخلص أتباعها من الأسئلة القاتلة داخل النفوس حول الكون، والإله، والمصير، وما إلى ذلك.

سادساً: غياب المنهج الصحيح عن الساحة الأوروبية، وهو الإسلام.

سابعاً: تقصير أمة الإسلام في أداء رسالتها تجاه البشرية.

ثامناً: خلو الأناجيل المحرفة من أي تصوُّر محدد لنظام سياسي، أو اجتماعي، أو اقتصادي، أو علمي.

تاسعاً: المكر اليهودي الذي يحرص على إنشاء المذاهب الهدامة،

أو احتوائها؛ رغبة من اليهود في إفساد البشرية وجعلها حمراً يمتطونها.

كل هذه العوامل جعلت من الدين رمزاً للتسلط، والتجبر، والطغيان، والجهل والخرافة، ومحاربة العلم؛ فما الحل إذاً؟

الحل الذي ارتأوه أن الدين حجر عثرة أمام التطور، والمطلوب نبذه وإقصاؤه عن الحياة، ومن هنا قامت العلمانية.

وكان جديراً بهؤلاء الذين قاوموا هذه الكنيسة أن يبحثوا عن المنهج الحق الذي يشجع العلم ولا يقف ضده، بل هو دين العلم ألا وهو الإسلام.

ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل، ولله في ذلك حكمة.

فهذه أسباب قيام العلمانية، وتلك مسوغاتها.

المصدر:رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص ٤٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>