للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سادسا: أسباب قيام الشيوعية]

لقد قامت الشيوعية الحديثة، ونشرت مذهبها الإلحادي، فامتد رواقه إلى كثير من بلدان العالم، وذلك يعود لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالمجتمع الذي نشأت فيه، ومنها ما يتعلق بشخصية مؤسسيها ومنفذيها، ومنها أسباب خارجة عن ذلك. وفيما يلي تفصيل لتلك الأسباب التي أدت إلى قيام الشيوعية (١).

١ - الطغيان الكنسي: الذي حارب العلم والعقل ومكن للجهل والخرافة، وأعان الحكام الظلمة، وفرض على الناس الضرائب والعشور وما إلى ذلك مما قامت به الكنيسة الأوروبية فكان أن قامت الشيوعية كردة فعل لذلك الطغيان.

٢ - مظالم النظام الرأسمالي: حيث طغى الرأسماليون وأفسدوا واستبدوا؛ فقام الشيوعيون - بزعمهم - بمحاولة الإصلاح.

٣ - غياب المنهج الصحيح عن أوروبا: فلما قصَّر المسلمون في أداء رسالتهم، في تبليغ الدعوة وقوامة البشرية - غاب الإسلام عن ساحة أوروبا، فمكن ذلك لنشأة الشيوعية وغيرها من الاتجاهات والنظريات والمبادئ.

٤ - الخواء الروحي: إذ الكنيسة لا تقدم منهجاً يزكي النفس، ويجلب السعادة والطمأنينة للأفراد والمجتمعات، مما جعل النفوس تهفو إلى ما ينقذها مما هي فيه من القلق والاضطراب والحيرة.

٥ - الاستعمار وما خلفه من دمار: فلذلك أثره الواضح في انحطاط الشعوب المُسْتَعْمَرة، وذلك عن طريق الكبت وقفل باب الحرية، مما أفسح المجال لنشر الشيوعية.

٦ - المكر اليهودي: فاليهود يتآمرون على العالم ويخططون لإفساده؛ تمهيداً للسيطرة عليه، ومما يقومون به في ذلك السبيل استغلال المذاهب الهدامة والتمكين لها. ٧ - الجهل بدين الإسلام: فهذا من أكبر أسباب الإلحاد، وإلا فمن عرف ما جاء به الإسلام - ولو معرفة يسيرة - استحال أن يقع منه الإلحاد؛ فإن الدين بطبيعته وما اشتمل عليه من البراهين يضطر صاحبه إلى الاعتراف بوحدانية الله، وبطلان ما ناقض ذلك؛ فلا تجد ملحداً إلا وهو معرض، أو مكابر، أو معاند (٢).

٨ - الهالة الإعلامية والدعاية القوية: فمما ساعد على قيام الشيوعية ما قام به أربابها من دعاية وهالة لتحسين ضلالتهم، وترويج مذهبهم، فإذا سمع الجاهل عن ذلك هاله الأمر، واغتر بالشيوعية، وظن صدقها مع أن كل عاقل منصف يعلم بطلانها وزيفها.

فالشيوعيون زعموا أن ما جاؤوا به هو الرقي والتقدم والتجديد وما أشبه ذلك من العبارات الفضفاضة.

ولولا أن باطلهم زُخْرِفَ ورُوِّجَ له من قبل الدعايات المضللة، والدول المنحرفة - لم يقبله، ولم يصغ إليه أحد؛ لأن حججهم أوهن من حبل القمر ومن بيت العنكبوت.

٩ - الانقلاب الصناعي: فما يقوم به الشيوعيون من بحث علمي جاد مستند على أدلة مغرية صار سبباً لاغترار كثير من الخلق بهم؛ حيث ظنوا - بجهلهم - أن الترقي الدنيوي دليل على أن أهله على حق وصواب في كل شيء.

فإذا رأى الجاهل حال المسلمين وما هم عليه من الضعف والهوان، ورأى حال الكفار وما هم عليه من القوة والتفنن في الصناعة، ورأى أمم الأرض تذعن وتسلم لهم - صار ذلك فتنة له، فظن أن الكفار على حق، وأن المسلمين على ضلال.


(١) ([٤٤٧]) ((التطور والدين))، (ص١٩).
(٢) ([٤٤٨]) قد كانت الدعوة إلى التضامن الإسلامي بمثابة جريمة كبرى عند الثائرين من العرب وغيرهم وكانت أكثر الإذاعات العربية وغيرها تتفكه بالنيل من تلك الدعوة. واليوم وبعد أن ظهرت حقيقة ضعف المسلمين وهوانهم على الأمم بدؤوا يتكلمون عن اتحاد المسلمين وتضامنهم وأنه لا قيمة لهم إلا من خلال إثبات وجودهم الإسلامي كما حدث في المؤتمر الذي يعقد في ماليزيا الآن، وعسى أن يفيق المسلمون ويراجعوا دينهم بصدق وإخلاص خصوصا وقد كشر النصارى عن أنيابهم على المسلمين وتصريحاتهم بسب الإسلام وحضارته.

<<  <  ج: ص:  >  >>