قبل أن ندخل في تفاصيل الوجودية نتطرق أولا لما يذكره بعض العلماء حول قضية الوجود والعدم التي هي من الوضوح بحيث لا تخفى على أحد إلا أن عبث الفلاسفة وخيالاتهم التي تسرح هنا وهناك لم تقف بهم عند حد في إيراد الشبهات وهؤلاء يبحثون الواضح حتى يجعلونه غامضا بما يخترعونه من أفكار متضاربة واستنتاجات بعيدة وافتراضات خيالية، وحينما كان الناس على فطرتهم السليمة ما كانوا بحاجة إلى من يشرح لهم قضية الوجود والعدم لأنهم كانوا يحكمون على الموجود بأنه موجود وعلى المعدوم بأنه معدوم وأن الموجود هو مقابل المعدوم والمعدوم يقابله ضده الموجود. في بداهة لا تعرف التعقيد. كما أن كلمة "الوجود" لم يذكرها الله في القرآن الكريم ولا ذكر كذلك فكرة العدم بالمعنى الذي ذهب إليه الفلاسفة. وبتتبع الموجودات فإنك ستجد أن أول ما يظهر لك أنها تنقسم إلى قسمين:
١ - موجودات مشاهدة ومحسوسة.
٢ - موجودات غير مشاهدة وإنما هي في الأذهان تسمى الموجودات العقلية أو المنطقية. وسارتر يرى أن العدم لا معنى له إلا من جهة ما هو نفي شيء أو فقدان شيء فلا وجود للعدم بذاته وإنما يعود إلى تصور الإنسان له والقصد هو إنكار الحياة الأخروية والإسلام يقرر أن فكرة العدم المحض بالنسبة للإنسان غير صحيحة بل إنه سيحيى حياة أخرى بعد نهاية حياته الدنيوية ويؤكد الله هذا في كثير من آيات القرآن الكريم ويؤكده نبيه صلى الله عليه وسلم في أكثر من نص في السنة النبوية (١).