للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامسا: وقفات مع النظام الديمقراطي]

الوقفة الأولى: العلاقة بين الديمقراطية والعلمانيةالعلاقة بين الديمقراطية والعلمانية هي علاقة الفرع بأصله، أو علاقة الثمرة الخبيثة بالشجرة التي أثمرتها، فالعلمانية هي " مذهب من المذاهب الكفرية التي ترمي إلى عزل الدين عن التأثير في الدنيا، فهو مذهب يعمل على قيادة الدنيا في جميع النواحي السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأخلاقية، والقانونية وغيرها، بعيدا عن أوامر الدين ونواهيه " (١).

والديمقراطية تقوم أساسا على إسناد السيادة أو السلطة العليا للأمة أو الشعب وهذا يعني أن الكلمة العليا في جميع النواحي السياسية إنما هي للأمة أو الشعب.

وعلى ذلك يمكننا القول: إن الديمقراطية مذهب من المذاهب الفكرية التي ترمي إلى عزل الدين عن التأثير في جميع النواحي السياسية، فالديمقراطية إذن هي التعبير السياسي أو الوجه السياسي للعلمانية، كما أن الاشتراكية والرأسمالية تعبير اقتصادي عن العلمانية، وهذه العلاقة بين الديمقراطية والعلمانية نستطيع أن ندركها بكل سهولة ويسر إذا علمنا أن نظرية العقد الاجتماعي التي تمثل الأساسي الفلسفي لنظرية السيادة التي تقوم عليها الديمقراطية، كانت في نفس الوقت تمثل الركن الأساسي في فكر زعماء الثورة الفرنسية التي أقامت دولة علمانية لأول مرة في تاريخ أوروبا المسيحية.

الوقفة الثانية: لا ديمقراطية في الإسلام:

وإذا قد تبينت لنا حقيقة الديمقراطية، وحقيقة الأصول والأسس الإلحادية التي تنطلق منها الديمقراطية، وتبين لنا ما اشتملت عليه من الكفر الغليظ والشرك بالله العلي الكبير، إذ تبين لنا حقيقة ذلك بكل وضوح وجلاء، يصبح من الأمور المنكرة جدا أن تسمع من يقول: إن " الديمقراطية من الإسلام " أو إن " الإسلام نظام ديمقراطي" أو " الديمقراطية الإسلامية " أو أشباه ذلك من الأسماء الملفقة من كلمة الحق وهي الإسلام، ومن كلمة الباطل وهي الديمقراطية.

الوقفة الثالثة: النظام الديمقراطي باطل شرعا:

والنظام الديمقراطي – بقيامه على أسس إلحادية كفرية – يصبح باطلا شرعا، وتصبح الديار أو البلاد التي تعلوها أحكامه ديارا أو بلادا خالية من الحاكم أو الوالي المعترف به شرعا، والذي له على الناس حق الطاعة وحق النصرة، وهذا يترتب عليه:

أنه لا ولاية شرعية للنظام الديمقراطي على المسلمين.

أن علاقة المسلم بهذا النظام هي علاقة البراء وليس الولاء.

أن على المسلمين الذين تعلو ديارهم أو بلادهم أحكام النظام الديمقراطي، عليهم العمل لإزالة هذه الأحكام حتى تعلوها أحكام النظام الإسلامي. وقد كتب إمام الحرمين الجويني في كتابه (غياث الأمم) فصلا عظيما في ما يجب على المسلمين فعله عندما تخلو بلادهم عن الحاكم الشرعي المعترف به، فانظره فإنه مهم (٢).

الوقفة الرابعة: ليس في الديمقراطية خير تحتاج إليه خير أمة أخرجت للناس:

كثيرا ما يحدث أن يقول بعض الناس: إننا لا نشك بأنه لا توجد ديمقراطية في الإسلام بهذا المعنى المذكور، والموجود فعلا في الدول النصرانية وغيرها من ملل الكفر، ثم يضيفون إلى هذا القول قولهم: ولكننا وجدنا في الديمقراطية بعض العناصر الطيبة مثل: حق الشعوب في اختيار حكامهم، ومساءلتهم بما يمنع من استبدادهم، وحقهم في إبداء آرائهم، وأن يكون لهم نصيب في إدارة شئون بلادهم، وحق في خيراتها ومواردها، يقولون: إذا كان الأمر كذلك، فما الذي يمنع من أن نأخذ من الديمقراطية ما فيها من خير وندع ما فيها من شر؟!


(١) جريدة الرياض, الجمعة ٢٠ جمادى الأولى ١٤٢٧هـ ١٦ يونيو ٢٠٠٦م, العدد ١٣٨٧١.
(٢) انظر: ((الصارم المسلول)) (٣/ ٩٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>