للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابع عشر: من الذي غذى اشتداد العداوة للدين؟]

لقد واجه الدين عدوين لدودين: هما المخطط اليهودي، والمخطط المادي الشيوعي الناتج في البداية عن المخطط اليهودي والمتمم له.

أما المخطط اليهودي فلا شك أن اليهود وهم يريدون استحمار الجوييم يعرفون تماما أنه لا سبيل لهم إلى استعباد البشر إلا بمحو دينهم وسلخهم من عقائدهم وأخلاقهم لأن اليهود عرفوا أنه لا سبيل لهم إلى تحقيق مآربهم ما دام للبشر دين وأخلاق وتراث يرجعون إليها واليهود أعدى أعداء البشرية على امتداد تاريخهم وحروبهم معهم لا تنقطع ومؤامراتهم ضدهم لا حد لها فهم سراق العقائد والأخلاق والأموال.

وأما العداء الشيوعي فهو امتداد طبيعي لعداء اليهود مضافا إليه الحقد على الدين وأهله وعلى سائر البشر الذين لم يستسلموا لطغيانهم وحينما وقفت الكنيسة في صف الإقطاعيين والرأسماليين ضد النفوذ الشيوعي جاعلين الدين شعارا لهم في حرب الشيوعية تضاعف حقد الملاحدة على الدين وعلى كل من يمثله واستفاد الملاحدة فوائد كثيرة من وقفة الكنيسة إلى جانب الاستبداديين حيث أغروا الناس بعداوة الدين وأهله.

واشتد حقدهم على نسبة أي حق أو عدل أو خير إلى الله عز وجل فقد سخروا من كل من يعتقد ذلك ورموه بأنواع السباب إذ ليس هناك – في ميزانهم – حق وعدل وخير وتوجيه من الله تعالى. إذ أن كل ما يصدر عن الناس من تصرفات إنما هي نتيجة للأحوال الاقتصادية وتغيراتها المتلاحقة دون أن يكون هناك توجيه غيبي يسير الكون أو تظهر الأخلاق عن طريقه. وهم يرتاحون لنسبة الحق والعدل إلى الشيوعية ولكنهما محرمان نسبتهما إلى الله تعالى ولكن الله عز وجل متم نوره ولو كره الكافرون وقد أذلهم الله تعالى أيما ذل.

ومن الجدير بالذكر أن الملاحدة قد يتظاهرون أحيانا بذكر كلمات الدين والتدين فيظن من لا يعرف أهدافهم أنهم يريدون ذكر الدين والرضى به بينما هم في الواقع في غاية البعد عن هذا الفهم السليم ولهذا يقول المفكر المسلم وحيد الدين خان: "إنه على الرغم من أن كلمة "الدين" موجودة في التفسير الجديد للدين ولكن الدين هنا في صورته الحقيقية والعملية لا يختلف عن الإلحاد الكامل في شيء". " في ضوضاء هذه الدراسة الاجتماعية والتاريخية المزعومة يضيع أصل الدين في هذا التفسير المستحدث فيصبح الدين مجرد ظاهرة اجتماعية ويفقد قيمته الحقيقية في توجيه الحياة والمجتمع وهداية الإنسان لما فيه خيره في الدنيا والآخرة" (١).

وتارة يرجع أولئك الملاحدة تفسير الدين حسب خرافاتهم إلى قابلية الشخص واستعداده الذهني لإدراك شتى الصور التي يتخيلها بعد ذلك دينا، كالشاعر الذي يتصور أشياء في خياله اللاشعوري وهذه تسمى نبوة عند بعض كبارهم.


(١) الصهيونية: هي منظمة يهودية سياسية أسسها اليهودي تيودورهرتزل، وتهدف إلى تجميع اليهود في فلسطين وإلى تنفيذ المخططات المرسومة لإعادة مجد بني إسرائيل وبناء هيكل سليمان، ثم إقامة مملكة إسرائيل ثم السيطرة على العالم من خلالها تحت ملك اليهود المنتظر المزعوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>