ولسائل أن يسأل بإلحاح فيقول إذا كانت آراء الوجودية بهذه الضحالة والسخافة فكيف انتشرت وكيف تقبلها الناس؟ والجواب: إنه بالتأكيد أن آراء الوجودية في غاية السخافة والبطلان ولكن لا يغيب عن ذهن السائل أن لكل صائح صدى أو كما قال الشاعر: لكل ساقطة في الحي لاقطة.
وبداهة يعلم أن الذين تقبلوها ونشروها إنما يريدون من ورائها ما أراد مؤسسوها الأوائل من إشاعة الإلحاد وهدم الأخلاق والأديان أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:٥٣].
وأول ما يدل على بطلانها وسخافتها موقف دعاتها من وجود رب العالمين الذي يدل على وجوده جميع ذرات هذا الكون سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا لكنه خفي في أذهانهم حين استبعدهم إبليس وجنوده وقد حدثت أمور خطيرة استفاد منها الوجوديون في ترويج أفكارهم وذلك أن بشاعة الحروب العالمية وغيرها وأخطارها وما كانوا ينتظرونه من ظهور الفتن المتتابعة وتسلط الكنيسة وطغيانها وكذا ما تدعو إليه الوجودية من الانطلاق واهتبال الشهوات وتهوين أمر الفواحش وأنها المنقذ الوحيد من الشقاء فتلقفها الشباب والشابات والمراهقين والمراهقات على أنها حقيقة يجب أن تطبق فانتشرت الفوضى الجنسية والإباحية التي لا حدود لها ضاربين بكل القيم والمثل الدينية والاجتماعية عرض الحائط. كما أن اليأس الذي كان يعيشه الأوربيون والبطالة الشديدة والاستغلال الجشع من قبل أصحاب الأموال مع جهل مطبق بالدين الحق كل هذه كانت روافد لتقبل المحرومين والمترفين على حد سواء للأفكار الوجودية.