أن الحداثة تصور إلحادي جديد – تماماً – للكون والإنسان والحياة، وليست تجديداً في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها. وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم باعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيماً تذروه الرياح وصدق الله العظيم إذ يقول: ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا [الحديد: ٢٠]
حسبنا في التدليل على سعيهم لهدم الثوابت أن نسوق قول أدونيس وهو أحد رموز الحداثة في العالم العربي في كتابه (فن الشعر)(ص ٧٦): "إن فن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي ليست تلك التي تسليه أو تقدم له مادة استهلاكية، وليست تلك التي تسايره في حياته الجادة، وإنما هي التي تعارض هذه الحياة! أي تصدمه، وتخرجه من سباته، تفرغه من موروثه وتقذفه خارج نفسه، إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها، الدين ومؤسساته، العائلة ومؤسساتها، التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم. كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها، وذلك من أجل تهديمها كلها! أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد، يلزمنا تحطيم الموروث الثابت، فهنا يكمن العدو الأول للثورة والإنسان".
ولا يعني التمرد على ما هو سابق وشائع في مجتمعنا إلا التمرد على الإسلام وإباحة كل شيء باسم الحرية.
- فالحداثة إذن هي منهج فكري عقدي يسعى لتغيير الحياة ورفض الواقع والردة عن الإسلام بمفهومه الشمولي والانسياق وراء الأهواء والنزعات الغامضة والتغريب المضلل.
وليس الإنسان المسلم في هذه الحياة في صراع وتحد مع الكون كما تقول كتابات أهل الحداثة وإنما هم الذي يتنصلون من مسئولية الكلمة عند الضرورة ويريدون وأد الشعر العربي ويسعون إلى القضاء على الأخلاق والسلوك باسم التجريد وتجاوز جميع ما هو قديم وقطع صلتهم به.
- ونستطيع أن نقرر أن الحداثيين فقدوا الانتماء لماضيهم وأصبحوا بلا هوية ولا شخصية. ويكفي هراء قول قائلهم حين عبر عن مكنونة نفسه بقوله:
لا الله اختار ولا الشيطان كلاهما جدار
كلاهما يغلق لي عيني هل أبدل الجدار بالجدار
تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
المصدر:الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة - الندوة العالمية للشباب الإسلامي