للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعا: هل الاشتراكية هي الشيوعية؟]

اختلفت وجهات نظر الباحثين - فيما يظهر من كتاباتهم – حول العلاقة بين الاشتراكية والشيوعية وفيما يلي أذكر بين يدي القارئ حاصل ما قيل حول هذه العلاقة. ١ - لا فرق بين الاشتراكية والشيوعية بل هما اسمان لمسمى واحد وعن تعليل التسمية بالاشتراكية بدلا عن التسمية بالشيوعية يقال: إن الشيوعية من بعد ماركس اشتهرت بأنها شيوعية "مزدك" (١)، فنفر منها الناس، ومن هنا صارت كلمة الاشتراكية أقل استنكارا لهذا جعلت البذرة الأولى لشجرة الشيوعية الخالصة وإلا فالشيوعية والاشتراكية اسمان لمسمى واحد" (٢).٢ - إن الاشتراكية ترمي في النهاية إلى الشيوع وأن الفرق بينهما يكمن في الناحية العلمية، فالشيوعية ترى أن جميع الثروات الاجتماعية مجموع يستهلك الفرد منه بقدر ما يسد جميع حاجاته وليس فقط بقدر ما يناسب خدماته، على أن هذا الحق في الاستهلاك يتوقف عند الشيوعيين على واجب الإنتاج والعمل فمن لا يعمل لا يأكل على حد قولهم، وهي ما يعبر عنها بقولهم "من كل طبقا لكفايته ولكل طبقا لحاجته" أما الاشتراكية فتتفق مع الشيوعية في وجوب إنشاء المجموع العام من الثروات ولكنها تخالفها في طريقة التوزيع فتسمح لكل فرد من الثمرات العامة بما يناسب عمله وجهوده لا بما يناسب حاجته " ولهذا يذهب بعض الباحثين إلى أنه لا فرق بين الشيوعية والاشتراكية، "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" (٣).

٣ - إن بين الاشتراكية والشيوعية من جهة وبين الفاشستية من جهة أخرى شبها قويا من حيث أن الاشتراكية والشيوعية ترميان كلتاهما إلى تقوية قبضة الدولة في توجيه الإنتاج والقضاء على حرية الفرد وكذا النظام الفاشستي وكلها صور من صور الديكتاتورية. ٤ - اعتبر " لينين " الاشتراكية هي المرحلة التي تسبق الشيوعية مباشرة فهي مقدمة أو تمهيد لها معتبرا أن الاشتراكية مرحلة أولى بينما الشيوعية هي المرحلة الأخيرة العليا (٤).٥ - إن الاشتراكية تختلف عن الشيوعية (٥)، ولكن ما معنى هذا التفريق إذا عرفنا أن "ماركس" هو الذي أنشأها وسماها أيضا الاشتراكية العلمية حتى تتميز عن الاشتراكية الخيالية التي أنشاها " سان سيمون "، و "لويس" ورفاقهما والتي لم يرتضيها "ماركس" حيث اعتبر اشتراكيته مرحلة حتمية لا تقبل الرفض لأنها نتيجة مضادة للرأسمالية التي تنبأ بأنها ستنتهي وتحل اشتراكيته محلها وأن الدول الكثيرة مثل بريطانيا وغيرها ستعود حتما إلى الأخذ باشتراكيته وستموت الأنظمة الرأسمالية فيها فكانت النتيجة على حد قول الشاعر:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع

فقد احتضرت الاشتراكية في الشرق في الوقت الذي انتعشت فيه الرأسمالية في الغرب، وكذلك ظن "ماركس" ورفاقه الأغبياء.

المصدر:المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي ٢/ ١٠٣٠


(١) بتصرف عن ((النظام الاقتصادي في الإسلام)) (ص ٤٤).
(٢) في أكثر من بروتوكول
(٣) سمعت هذا الكلام من إذاعة الرياض في مقابلة مع د. غازي القصيبي.
(٤) ((النظام الاقتصادي في الإسلام)) (ص ـ ٤٦) نقلا عن ((الإسلام والاقتصاد)) لعبد الهادي النجار (ص ٦٤٧).
(٥) انظر: ((كواشف زيوف)) (ص ٦٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>