لا يمكن لأي نظام جاهلي أن يسعد أتباعه لأن فاقد الشيء لا يعطيه وأول شيء افتقدته الرأسمالية وجود الرحمة والعطف على المحتاجين الفقراء فقد حملتهم تبعة فقرهم تحت مبرر خادع وهو أنهم لم يعملوا ولم يعرفوا طرق الوصول إلى المال لبلادتهم وجهلهم فهم كما حكا الله عن قارون أنه قال قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص: ٧٨]
ولم ينظروا إلى أنفسهم وإلى عمالهم حيث أن أصحاب رؤوس الأموال لا يعملون نصف ما يعمله ويكده عمالهم لسد حاجاتهم الضرورية بينما أصحاب رؤوس الأموال الذين لا يبالون بجمع المال تحت أي سبب سواء أكان مشروعا أو غير مشروع عن طريق الربا أو عن طريق المخدرات أو عن طريق بيع الأعراض أو الاحتيالات وما إلى ذلك نجد هؤلاء يعيشون في منتهى البذخ والإسراف كما قيل في المثل:" الكلب يشبع والنمور جياع"
لقد وقعت الرأسمالية في مساوئ كثيرة – كأن كل نظام جاهلي – فالحرية الاقتصادية التي تمنح لأتباعها – وتتبجح بها – لم تكن صافية فالعامل تحت وطأة الحاجة يجب أن يعمل الذي يريده صاحب رأس المال إذ لا خيار أمامه إلا القبول وأيضا لا خيار في مقدار الأجرة التي يفرضها صاحب رأس المال لأنه إذا أبى ذلك فإن ما وصلت إليه البطالة والعاطلين عن العمل كفيلان بأن يوجد له من يقبل تلك الأجرة في الوقت الذي يشتد فيه جشع المحتكرين وسيطرتهم على الأسواق والموارد الوافدة إليه.
وكنتيجة طبيعية إزاء هذه الأوضاع تفاقمت الهوة بين الأثرياء والفقراء واختل التوازن السليم في الاستفادة من الثروات كما تلاحظ هذا فيما يلي من دراسة الرأسمالية.