ولا تنس – أخي القارئ – دور اليهود في قيام الرأسمالية فإن اليهود وراء كل جريمة ووراء كل مصيبة بل ووراء كل البنوك الربوية هم الذين يتحكمون فيها هبوطا وارتفاعا وهم الذين رتبوا لسيادة أصحاب رؤوس الأموال لبناء النظام الاقتصادي الربوي الجشع. وإذا أردت مصداق هذا الكلام فاقرأ ما سجلوه على أنفسهم في قراراتهم الجهنمية "بروتوكولات حكماء صهيون"(١)
حيث أكدوا على التزامهم بدعم أي نظام فيه مضرة للجوييم واشتغالهم بأوضاعهم التي عزم اليهود على زعزعتها على مر الزمن انتقاما واحتقارا للجوييم لعدم خضوعهم لشعب الله المختار وقد عرف عن اليهود تفوقهم في استغلال الأحداث على أتم الوجوه وقد أكد الأستاذ محمد قطب أن اليهود لم يكونوا هم مصدر كل الأحداث كما يتصور البعض ولكنهم يعرفون كيف يستفيدون منها وكيف يوجهونها لمصالحهم وتحقيق أهدافهم لا أنهم هم أصحاب الاختراعات الفكرية كلها.
وهناك عامل آخر أسهم أيضا في ظهور الرأسمالية لا يقل – في نظري – عن أهمية العوامل السابقة وهو دور السادة زعماء الإقطاع وكبار الملاك الذين أرادوا الالتفاف مرة أخرى للسيطرة على الطبقات الفقيرة من حيث يشعر هؤلاء أو لا يشعرون.
فكان دورهم الجديد هو تمويل مشروعات النظام الجديد مقابل أرباح محددة يقطفون ثمارها دون عناء أو تعب بتشغيلهم الفقراء، ويظهر أن هؤلاء هم الذين كانوا وراء قيام البنوك الربوية والتي حلت أخيرا محل سادة الإقطاع في الزمن القديم حيث لم يختلف الأمر في التسميات فقط.
لأنه لم يظهر أي مبدأ نبيل يسمو بأخلاق الإقطاعيين ويوجد في قلوبهم العطف الحقيقي والقناعة النفسية أو مراقبة الله تعالى والرغبة في ثوابه والخوف من عقابه لأن التغييرات السياسية والثورات الحاقدة لا تعطي شيئا من تلك الأخلاق الحميدة بل هي أوضاع تزيد في القلب السقيم سقما، وهكذا فقد كان لأصحاب رؤوس الأموال الصولات والجولات في الميدان حيث أصبحوا فيما بعد هم الطبقة العليا والمسيطرون الحقيقيون على الطبقات الدنيا وانتقل أهل أوربا من حكم الإقطاعيات القديم وطبقة النبلاء إلى حكم الإقطاعيات الجديدة وطبقة النبلاء الجدد فكان الخلاف لفظيا بين الحالين إذ لم يستطع الفقراء أن يدخلوا المنافسة في الرأسمالية لعدم تمكنهم من وجود رؤوس الأموال لإقامة المشاريع الضخمة التي تتطلب أموالا كثيرة فازداد الأغنياء غنى وثروة وازداد الفقراء فقرا وحاجة وتضاعف البلاء على الفقراء لعدم وجود أي وازع من الدين أو الفضيلة لدى الرأسماليين الذين لا حد لجشعهم ورغبتهم في امتلاك أكبر قدر من المال بأي طريق كان من الربا والاحتكار والغش والحيل واستعباد المحتاجين فنشأت العداوات الشديدة بين الفريقين إذ كان الفقراء ينظرون إلى أصحاب رؤوس الأموال بأنهم ظالمين جائرين لا رحمة لديهم بينما كان الأغنياء ينظرون إلى الفقراء على أنهم حاسدين لهم ومنازعين لهم ما في أيديهم شأن كل الأنظمة الجاهلية والأخلاق التي لا تقوم على هدي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم التي تجعل الشخص يؤثر على نفسه غيره ولو كان به حاجة وفاقة كما قال الله تعالى في ثنائه على الأنصار في إيثارهم المهاجرين إليهم وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:٩]