للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: اتجاهات الواقعية وقد تشعب الاتجاه الواقعي إلى عدة اتجاهات, اختلفت فيما بينها في المبادئ والأهداف, وإن كانت تتفق كلها في استمداد تصورها من النظرة المادية الحيوانية للإنسان, القائمة بدورها على الداروينيةو كما أنها تأثرت كثيرا بالفلسفات الوضعية والتجريبية, والمادية الجدلية. (١)

ومن أهم الاتجاهات ما يلي:

أولا: الواقعي الانتقادي: يركز هذا الاتجاه على الاهتمام بقضايا المجتمع ومشكلاته لا سيما ما يرى أنه شر وفساد فهو ينتقده بإظهار تناقضاته وعيوبه وعرضها على الناس كما أن هذا الاتجاه يتميز بالتشاؤم إذ يرى أن الشر عنصر أصيل في الحياة فلا بد من إبرازه في العمل الأدبي للكشف عن حقيقة الطبيعة البشرية فقط (٢).أما تغيير الواقع أو إصلاحه فليس من اختصاص هذا الاتجاه لأنه يرى أن الفنان "ليس مصلحا اجتماعيا يبحث عن إجابات وحلول لمشاكل المجتمع ولكنه يكتفي بإلقاء الأسئلة التي تكشف الواقع وتعريه مهما كانت الحقيقة قاسية ومؤلمة وهو لا يستمد مضامينه من حياة طبقة اجتماعية معينة فمثلا نجد بلزاك يتناول كل الطبقات والبيئات والمستويات الاجتماعية والثقافية لأن الواقعية النقدية تنظر إلى المجتمع ككل" (٣).

ثانيا: الواقعي الطبيعي: الواقعية الطبيعية اتجاه أدبي فلسفي تأثر كثيرا بالنظريات العلمية التجريبية ودعا إلى تطبيقها وإظهارها في الأعمال الأدبية ويرى هذا الاتجاه أن الإنسان حيوان تسيره الغرائز والحاجات العضوية "لذلك فإن سلوكه وفكره مشاعره هي نتائج حتمية لبنيته العضوية ولما تقوله قوانين الوراثة وأما حياته العشورية والعقلية فظاهرة طفيلية تتسلق على حقيقة العضوية وكل شيء في الإنسان يمكن تحليله ورده إلى حالته الجسمية وإفرازات غدده وبهذا التصور تفهم الواقعية الطبيعية الإنسان والحياة وتعرضهما في الأدب" (٤).

ثالثا: الواقعي الاشتراكي: يجسد هذا الاتجاه الرؤية الماركسية ويحمل مبادئ الفلسفة المادية الجدلية التي تقوم عليها الشيوعية ويرى أنصار هذا الاتجاه أن المعرفة الفكرية مبنية على النشاط الاقتصادي في نشأتها ونموها وتطورها لذلك ينبغي توظيف الفنون الأدبية والفكرية في خدمة المجتمع وفق المفهومات الماركسية التي تقضي بالاهتمام بالطبقات الدنيا ولا سيما طبقات العمال والفلاحين وتصوير الصراع الطبقي بينهم وبين الرأسماليين والطبقة الوسطى (البرجوازيين) وتجعل الرأسمالية والبرجوازية مصدر الشرور في الحياة لذلك تسعى إلى فضحها وكشف عيوبهما والانتصار للفلاحين والعمال والتبشير بغلبتهم عليهما" (٥).

المصدر:الحداثة في العالم العربي دراسة عقدية لمحمد بن عبد العزيز العلي ٢/ ٦٠٧


(١) [٣٢١])) انظر: ((على الفكر الإسلامي أن يتحرر من سارتر وفرويد ودوركايم)) لأنور الجندي (١٢ - ٢٠). وانظر: ((المذاهب المعاصرة))، عميرة (ص٢٢٤) و ((كواشف زيوف)) (ص ٣٦٠).
(٢) ([٣٢٢]) فرويد: هو سيجموند فرويد عاش ما بين ١٨٥٦ - ١٩٣٩م. يهودي من أبوين نمساويين، وهو مؤسس مدرسة التحليل النفسي، انظر ((كواشف زيوف)) (٢٨٩ - ٣١٥)
(٣) ([٣٢٣]) دور كايم: هو إميل دوكايم يهودي فرنسي عاش ما بين ١٨٥٨ - ١٩١٧م. تخصص في علم الاجتماع. قالوا: وقد صار رائد علم الاجتماع بعد أوجست كونت. انظر ((كواشف زيوف)) (٣٣٥ - ٣٤٨).
(٤) ([٣٢٤]) برجسون: هو هنري برجسون، فيلسوف يهودي فرنسي عاش ما بين ١٨٥٩ - ١٩٤١. انظر ((كواشف زيوف)) (٣٤٩ - ٣٤٨).
(٥) انظر ((الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة)) (ص١١٨)، وانظر ((نحو بناء منهج البدائل الإسلامية)) لأنور الجندي (٢٥٨ - ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>