للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالث عشر: القضاء على الأسر يزعم الملاحدة أن نظام الأسرة إنما هو ناشئ عن أوضاع اقتصادية مثله مثل سائر القيم والأخلاق، وليس هناك نظام إلهي بشأنه، ولهذا فهو قابل للتطور حسب الأحوال الاقتصادية لأن الأسرة في النظام الشيوعي حسب تصوراتهم إنما نشأت عن تطورات متلاحقة حسب تفسيرهم المادي للحياة كانت بدايتها على الأقسام الآتية (١):

١ - أسرة الجيل.

٢ - أسرة الشركاء.

٣ - الأسرة الزوجية.

٤ - الأسرة الوحدانية.

١ - أما أسرة الجيل – كما تصوروها – فيزعمون أن العلاقات الجنسية كانت مباحة بين أبناء الجيل الواحد بين الإخوة والأخوات ومحرمة فيما دون ذلك أي أن بين جيل الآباء وجيل الأبناء، واستمر في هذه المرحلة تصنيف المجموعات الزوجية تبعا للأجيال؛ الأبناء جيل والآباء جيل والأجداد جيل والأحفاد جيل، كل جيل لا يتزوج إلا من جيله ولا يصح التبادل بين الأجيال.

ثم حدث تطور جديد فحرمت فيه العلاقة الجنسية بين الإخوة والأخوات بطريقة تدريجية أي كان التحريم أولا بين الإخوة والأخوات من الأم الواحدة ثم شمل التحريم بعد ذلك جميع الإخوة والأخوات الأباعد ثم زعموا أن أسرة الجيل هذه قد انقرضت.

٢ - أما أسرة الشركاء فقد كانت العلاقات الجنسية فيها مباحة للجميع في شراكة تامة بحيث أصبح الولد لا يعرف له أبا أكيدا. ومن هذه الأسرة انبثقت أسرة العشيرة.

٣ - أما الأسرة الزوجية فقد عرفت بمباشرة الرجل لزوجة واحدة في رباط زوجي ولكن تعدد الزوجات والخيانة الزوجية ظلتا من امتياز الرجل وأما المرأة فتطالب أن تكون على إخلاص تام للزوج فإذا زنت عوقبت عقابا شديدا وعند اختلاف الزوجين يرجع الأولاد إلى أبيهم كما كان الحال في السابق.

٤ - أما الأسرة الوحدانية فهي الأسرة التي تقوم على سيطرة الرجل لإنتاج أولاد لا يشك في صحة أبوتهم لكي يحصلوا على إرث مال أبيهم بعد وفاته، وفي هذه الأسرة يكون تسريح الزوجة أو عدمه بيد الرجل فقط وليس برضى الطرفين كما في رباط الزوجية السابق. وكانت الزيجة الوحدانية تقدما تاريخيا عظيما وزعموا أن الأسرة الوحدانية لم تقم على الأحوال الطبيعية التي كانت الأحوال الجنسية مشاعة بين الجميع، بل قامت على الأحوال الاقتصادية وانتصار الملكية الخاصة على الملكية العامة المشاعة.

ولا شك أن القارئ يدرك تماما أن هذا التقسيم وهذا التنظيم إن هو إلا محض خيال وافتراء ومن العجيب أنهم يعترفون أن الناس في ذلك الزمن ما كانوا يعرفون الحضارة ولا التقدم ولا القراءة ولا الكتابة فمن أين لهم هذه السجلات التي استقوا منها هذه المعلومات الموغلة في القدم. ومن يصدق مثل هذه الترهات قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:١١١].

والإنسان في مفهومهم مرة يجعلونه بدائيا تافها بل حشرة من الحشرات ومرة يجعلونه أساس التطور حينما كان يعيش على نظام كل شيء مشاع ولهذا فهم يريدون أن يرجعوا الناس إلى تلك الحال التي يعبرون عنها بالحال السعيدة للمجتمع البشري والباطل لابد وأن يتناقض أهله فيه.

فالأسرة في ظل الشيوعية كما عبر عنها "إنجلز" لا تسعد إلا في حال إلغاء الملكية الخاصة وذوبان الأفراد وكل مصالحهم في المجتمع العام وظهور شيوعية الجميع في الأموال والنساء والأطفال الذين تنتقل العناية بهم من الآباء والأمهات إلى المجتمع كله متمثلا في الدولة – أي إذا سادت الحياة البهيمية -.


(١) انظر ((المذاهب المعاصرة)) (ص ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>