من المعروف أن الأفكار تنتقل وتتسرب من شخص لآخر ومن أمة لأمة دون أن تحدها حدود. فهي تتغلغل وتنتقل في الوقت الذي يتهيأ لها وكما يقال "لكل صائح صدى" مهما كان قبح صوت ذلك الصائح فقد وجدت الاشتراكية القبيحة طريقا إلى أذان بعض من تقبلها تحت أسباب متعددة وذرائع مختلفة وإغراءات براقة، والذين تقبلوها إما طلاب دنيا لهم أغراض في الوصول إلى الزعامة أو الثراء، أو أصحاب حقد شديد على الأغنياء يريدون النيل منهم، أو جهال ينعقون بما لا يفقهون ويصفقون لما لا يدركون حقيقته، أو إباحيون لا يريدون أن يحدهم دين أو شرع عن الوصول إلى شهواتهم. وهؤلاء العملاء قد يكونون تحت مسمى الإسلام ومن العرب أو من غيرهم ولكنهم أشد أعداء الإسلام والمسلمين باعوا دينهم وضمائرهم لأقطاب الاشتراكية الماركسية وكونوا من أنفسهم طابورا سريا وفي الصف الأول في الهجوم على الدين ومن يمثله من أبناء جلدتهم وبالإضافة إلى أن هؤلاء جواسيس على أمتهم ودينهم فهم كذلك دعاة ترغيب وتحسين لوجه الاشتراكية الكالح يرددون الشعارات تلو الشعارات والمدائح تلو المدائح إما تصريحا وإما تلميحا تحت دعاوى كثيرة باطلة. إما دعوى إنصاف الفقراء والمظلومين، وإما دعوى التحرر، وإما دعوى التقدم ونبذ الرجعية والجمود والتخلف ولحوق ركب الحضارة الغربية أو الشرقية وما غير ذلك من الشعارات البراقة والخطب الرنانة الفارغة بكل ما لديهم من قوة صاحب السلطة بسلطته وصاحب القلم والرأي بقلمه ورأيه وصاحب نشر الفحشاء والسوء بأسلوبه فكم ألصقوا من التهم الشنيعة بشرفاء هم أنظف من الزجاجة وشوهوا سمعتهم بما اختلقوه من التهم والألقاب المنفرة ضدهم، وكم قرب الاشتراكيون من صعاليك سفهاء وكم أبعدوا من أولي الحجى حتى صارت كلمة السفهاء وأصحاب الخنى هي المسموعة في وسائل إعلامهم المختلفة من مرئية ومسموعة ومكتوبة وأبعدت الكلمة الصالحة وجعلوا دون نشرها حجبا كثيرة وأبوابا مغلقة لئلا تفتح القلوب وتزيل غشاوة أبصار من افتتنوا بها.
أما بالنسبة لغزو الاشتراكية البلاد العربية فقد بدأ ظهورها في مصر وسوريا ولبنان في صورة ليست قوية إلى أن تبناها رئيس مصر جمال عبد الناصر الذي طغى وبغى في وقته وتبنى الاشتراكية الماركسية ونشرها بأساليب شيطانية وأحيط بها له من التغطية حيث كاد أن يدعي ما ليس له بحق لولا أن الله عاجله بالعقوبة بهزيمته على يد اليهود أولا وموتة الفجاءة ثانيا بعد أن علا اسمه وصار يلقب بأبي الأحرار ورائد الأمة وما إلى ذلك من الأسماء المكذوبة وكان بعضهم يصرح بقوله لن نهزم وناصر بيننا فهزمهم الله في حرب سنة ١٩٦٧م شر هزيمة عرفت في التاريخ الحديث.
انتعشت الاشتراكية العلمية التي اختارها جمال عبد الناصر طريقا وقام الكتاب المتزلفون وأطروها مدحا وجاؤوا بخدع لا نظير لها لتحبيبها إلى قلوب المسلمين ومن الملفت للنظر أن دعاة الاشتراكية العربية تناقضوا مع أنفسهم تناقضا فاحشا فبينما هم ينادون بالاشتراكية العلمية إذا بهم يقولون إنها ليست الاشتراكية الماركسية وهل هناك اشتراكية غير اشتراكية ماركس التي سماها – كذبا وزورا – علمية.