وهؤلاء المغالطون يزعمون أن اشتراكيتهم علمية لكنها ليست هي الماركسية فأي اشتراكية علمية هذه التي ينادون بها؟ ولو على سبيل الافتراض قبلنا زعمهم أن اشتراكيتهم علمية ولكنها ليست ماركسية أليست هذه الاشتراكية أيضا التي ينادون بها هي نفسها مبادئ الاشتراكية الماركسية لا تختلف عنها اللهم إلا في اختيار بعض الألفاظ ليغالطوا بها الناس السذج (١).
وأما كذبتهم الكبيرة التي يزعمون فيها أن اشتراكيتهم هي نفسها مبادئ الإسلام كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا [الكهف:٥]، فأين الإسلام وأين مبادئ ماركس وهل يمكن أن يجتمع الليل والنهار في وقت واحد؟
وما تماسكوا به من أن مبادئ الاشتراكية الماركسية تتوافق مع كثير من مبادئ الإسلام فهو من باب تمسك الغريق أو حجة من لا حجة له، فما أكثر التشابه بين الآراء المتضادة ومع ذلك لا يصح القول إن هذا التشابه يجعلها متفقة غير مختلفة كما تقدم. وأن أول ما يكذبهم فيما زعموه هو أن الاشتراكية الماركسية تدعو إلى الثورات المتلاحقة والصراع الطبقي بكل شدة بينما الإسلام لا يدعو إلى شيء من ذلك بل يدعو إلى الهدوء والمحبة والعطف والبر والإحسان والصدقات فأين وجه الشبه بينهما؟
كما يكذبهم كذلك اعتقادهم أن الملكية الخاصة يجب أن لا يبقى لها أي مكان وإنما هي الملكية العامة التي تكون بيد الدولة فقط فالإسلام يحترم الملكية الخاصة والملكية العامة وينظم الجميع تحت لا ضرر ولا ضرار فأين وجه الشبه بينهما؟
كما أن الاشتراكية الماركسية تسلب حريات الناس وتكمم أفواههم وتفرض تعاليمها فرضا بالحديد والنار بينما الإسلام يحث على الحرية وعلى الجهر بالحق في حدود الشرع والمصلحة العامة فأين وجه الشبه بينهما؟
وإنك لتندهش حقا وتعجب أشد العجب من عملاء الماركسية حينما يزعمون أن الاشتراكية متوافقة مع الإسلام ومع فطرة كل شخص وأن الشعوب رضيت بها واعتنقتها ورأت فيها ضالتها المنشودة. قبح الله هؤلاء الكذابين الأفاكين أليست الشعوب التي يزعمون أنها تقبلتها تلعنهم ليلا ونهارا وأي شخص ارتاح إليها وهو يعلم أنها ستسلبه أرضه ومسكنه ويعيش على بطاقة تصرفها له الدولة يتغدى بها ويتعشى بها ثم يكون عودا ضمن الحطب، ما أشد جرأة هؤلاء الكذابين الذين يكذبون على الناس علانية دون حياء أو خجل فلو لم يكن للشعوب إلا تمسكهم بالإسلام لكان كافيا في ردها ولعنها كيف وقد انضاف إليهم الفقر الذي يتهدد معتنقيها بين عشية وضحاها؟
ولهذا تجد تلك الشعوب المسلمة تقول بكل حزم وعزم حينما تسمع أحد عملاء الاشتراكية الماركسية يقول إن الإسلام يؤيد الاشتراكية والاشتراكية تؤيده يقولون له: كذبت وافتريت أيها المخادع.