وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأت المدرسة الكلاسيكية الحديثة, أو ما يطلق عليها (النيوكلاسيكية) , وهي اتجاه حاول أن يجمع بين الكلاسيكية التقليدية الجامدة والرمانسية الخيالية المتطرفة وبلغت الكلاسيكية الحديثة قمتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى على يد كل من عزراباوند, وت. س. اليوت, وت. ل. هيوم, وجون كرورانسم, وكلانيت بروكس, وآلان تيت, وغيرهم, وكان هذا الاتجاه يرى أن تقليد الفلسفات القديمة مفيد عندما تكون في خدمة الإنتاج الأدبي والفلسفي الجديد, فالقديم ليس مجرد قوالب صماء, يجب أتباعه, بل العقل يختار من التقاليد القديمة ما يناسب الإنتاج الحديث, الذي يجب أن يفرض نفسه على القديم, كل قديم, وهم لا يفرقون في هذا الاتجاه بين الدين الحق والآداب والفلسفات الوثنية, فكل هذا القديم يجب أن يخضع للعقل والفكر المعاصر, ليختار منه ما يناسبهما, وينفعهما, دون الخضوع له.
هذه الصورة الجديدة (أعني الكلاسيكية الحديثة) , هي التي استغلها الحداثيون, في العالمين, الغربي والعربي, وسار كثير منهم على نهجها, وانتسبوا إلى الكلاسيكية بهذا المفهوم الحديث.
المصدر:الحداثة في العالم العربي دراسة عقدية لمحمد بن عبد العزيز العلي- ٢/ ٥٨٢