كان وراء قيام حزب البعث الاشتراكي النصارى العرب وعلى رأسهم النصراني ميشيل عفلق الذي جعل حب القومية العربية عقيدة راسخة تجمع بين مختلف الناس ومختلف عقائدهم وكانت الاشتراكية أيضا من ضمن منابع القومية التي امتزج بها حزب البعث وأخذ زعماء حزب البعث على عواتقهم المناداة بأنه يجب أن تبقى الآراء الفكرية هي القاسم المشترك بين العرب تحت لواء الوحدة الثقافية للأمة العربية ذات التاريخ المشترك واللغة الواحدة تحت بعث جديد يقوده القوميون الاشتراكيون دعاة الاشتراكية التي تبعث على التطور والازدهار وصد كل الحركات التي تعطل الأمة وتؤخر مسيرتها وحينما تمكن هؤلاء البعثيون النصارى من الحكم في لبنان وسوريا كشفوا عن حقيقتهم فإذا هم ينادون بعبادة البعث والعروبة والكفر بما عداهما وفي هذا قال أحد شعرائهم:
آمنت بالبعث ربا لا شريك له ... وبالعروبة دينا ماله ثان
وقال آخر:
بلادك قدسها على كل ملة ... ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم
هبوني عيدا يجعل العرب أمة ... وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا ... وأهلا وسهلا بعده بجهنم
وكان قيام حزب البعث العربي الاشتراكي على دعوى القومية من الأمور البديهية إذ لا يمكن أن تقبل آراءهم المجتمعات العربية الإسلامية ما داموا يقدسون دينهم. فإذا تراخت قبضتهم على دينهم أمكن حينئذ أن تطل عليهم مبادئ القومية وأن تزحزحهم عن التعصب للدين إلى التعصب للقومية شيئا فشيئا إلى أن يتم المقصود ونحن اليوم نعيش خيانة هذا الحزب في ظرف هذه الحرب الضروس التي يخوضها الغرب في العراق.