للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول "إنجلز":"إن العلاقات بين الجنسين ستصبح مسألة خاصة لا تعني إلا الأشخاص المعنيين والمجتمع لن يتدخل فيها وهذا سيكون ممكنا بفضل إلغاء الملكية الخاصة وبفضل تربية الأولاد على نفقة المجتمع ونتيجة ذلك يكون أساسا الزواج الراهنان قد ألغيا فالمرأة لن تعود تابعة لزوجها، ولا الأولاد لأهلهم هذه التبعية التي ما تزال موجودة بفضل الملكية الخاصة". وقال أيضا:"فبانتقال وسائل الإنتاج إلى ملكية عامة لا تبقى الأسرة الفردية هي الوحدة الاقتصادية للمجتمع وينقلب الاقتصاد البيتي الخاص إلى صناعة اجتماعية وتصبح العناية بالأطفال وتربيتهم من الشؤون العامة فيعني المجتمع عناية متساوية بجميع الأطفال سواء أكانوا شرعيين أم طبيعيين وبذلك يختفي القلق الذي يستحوذ على قلب الفتاة من جراء العواقب التي هي في زماننا أهم حافز اجتماعي – اقتصادي وخلقي – يعوقها عن تقديم نفسها بلا حرج لمن تحب أفلن يكون هذا سببا كافيا لازدياد حرية الوصال الجنسي شيئا فشيئا ومن ثم لنشوء رأي عام أكثر تساهلا فيما يتعلق بشرف العذارى وعار النساء" (١).

فانظر هذا الكلام الساقط كيف أراد أن يضحي بكل شيء في تغيير حياة البشر ويقلبها رأسا على عقب في سبيل أن يمحي من الأذهان شرف العذارى وعار النساء هذا هو الحل الذي اقترحه المجرم "إنجلز" في قضائه على الشرف والحياة والحشمة عند المرأة وهذا هو مبلغه وأشباهه من العلم وكأن الحياة كلها متوقفة على وجود حرية الاتصال الجنسي شيئا فشيئا إلى أن يتحول إلى رأي عام أكثر تساهلا فيه وعندها تتم السعادة ويمحى شيء اسمه العار أو الحياء أو الحشمة؟!

وإذا كان يحصل هذا في المجتمع المتحرر عن الملكية الفردية فلا يرد عليه - في مفاهيم – المجتمع الزراعي وتعاون أهله فيما بينهم للضرورة إلى هذا الترابط الأسري لأن ترابط الأسرة في المجتمع الزراعي أمر بدهي يتطلبه الرغبة في إتقان العمل وزيادة الإنتاج الذي يحتاج بدوره إلى تكاتف الأيدي العاملة فهذا يحرث وذاك يحصد وهذا يقوم بعملية الري وذاك بتحسين المزروعات وآخر بتخزينها وهكذا تفرض عليهم هذه الحالة تكاتفا أسريا قويا ولكن حينما جاء المجتمع الصناعي تفكك أمر الأسرة وذلك لعدم الحاجة إلى ذلك التكاتف الذي نشأ في العهد الزراعي.

فإن العمل في الصناعة يقوم على الفردية واستقلال كل شخص بعمله دون اشتراط وجود آخرين إلى جانبه فعمله خاص به وهو مسؤول عنه وحده ويأخذ أجره على العمل وحده كذلك، وهذا يشمل أيضا المرأة حينما تعمل.


(١) الفاشستية ويقال: الفاشية: هي نظام، أو حركة أو فلسفة سياسية تمجد الدولة، والعرق، وتدعو إلى إقامة حكم أوتوقراطي مركزي على رأسه زعيم دكتاتوري، وإلى السيطرة على كل شكل من أشكال النشاط القومي. ومن أبرز زعماء هذه الحركة الزعيم الإيطالي موسوليني.

<<  <  ج: ص:  >  >>