وبالتالي فالمجتمع هنا يصبح كل فرد فيه حر ليس له علاقة بغيره إن أراد الرجل بقاء صداقته مع زوجته فله ذلك وإن أراد تركها فله بكل يسر والمرأة كذلك لها أن تقطع علاقتها الزوجية في أي وقت شاءت فعملها ووظيفتها وما تملكه من المال يجعلها لا تكترث بأي علاقة دائمة مع أي شخص سواء أكان الزوج أو الأولاد أو الأقارب أو الأجانب عنها وبالتالي فالعلاقات الجنسية الحرة هي السمة البارزة لهذا المجتمع الصناعي – أي الإباحية والفجور – وهذه هي النتيجة التي يعيشها العالم المادي الملحد حالة من التفكك الأسري والإباحية المطلقة والتمرد على كل شيء، مجتمع نزعت منه الرحمة وصلة ذوي القربى والعاطفة نحو الآخرين والعفة والحياة ولهذا أصبحوا أحط من الأنعام قال تعالى: إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:٤٤]، لأن الأنعام يعطف بعضها على بعض أقل شيء في مرحلة الصغر فالدابة ترفع حافرها عن ولدها بينما هؤلاء يرمون بأولادهم في المحاضن الحكومية وبعضهم يرمونهم من الأدوار العلوية لبيوتهم أو يحبسونهم في البيوت حتى الموت كما سمعنا وقرأنا في المجلات والنشرات وهي صور لا يطيق العاقل سماعها لبشاعتها وهولها.
والمحسنون منهم يرمون أولادهم في الحضانات الحكومية ولا يفكرون فيهم بعد ذلك وهذا هو ما كان يريده الشيطان الرجيم "كارل ماركس".
تعقيب:
لقد داس هؤلاء الملاحدة كل القيم إذ لا وجود لها عندهم إلا من خلال ما تمر عليه الظروف الاقتصادية التي هي المؤسس الحقيقي بزعمهم لكل القيم والأخلاق والأسرة والدين وسائر العلاقات كما عرفت سابقا، ومن هنا ساغ لهم القول بأن الملكية الجماعية الشيوعية في زمن الشيوعية الأولى البدائية كانت صوابا لأنها كانت هي الوضع الحتمي لذلك الوقت ثم تغيرت بفعل التطور إلى ملكية فردية وكانت كذلك مرحلة مرت ثم نشأ الرق والإقطاع والرأسمالية فكانت كل منها صوابا في وقتها يحصل التناقض الحتمي ومع القول بحتمية وقوع كل مرحلة إلا أنهم يقولون إن كل مرحلة جديدة تجعل السابقة خطأ يجب تركه ومحاربته بعد تجاوزها إلى أن تصل إلى الشيوعية الماركسية فتستقر حينئذ الأوضاع ويدخل الناس في السعادة الشيوعية؟!
وكذلك سائر القيم من العفة وسيطرة الأب والتدين وترابط الأسرة والتعاون الجماعي كل ذلك كان صوابا في وقته، ولكن بعد سرعة التطور والوصول إلى الشيوعية الماركسية يجب أن تعتبر تلك القيم كلها باطلة ويجب محاربتها لأنها لم تعد مناسبة للأحوال الاقتصادية للمجتمع الشيوعي الجديد – أي بعد تلك التطورات الخيالية – التي تصورت في أذهانهم عن نشأة الكون وما فيه وكذا القيم والأخلاق وسائر أنواع السلوك وهكذا وقف الملاحدة ضد الأسرة كما وقفوا ضد الدين إذ الأسرة لا تبعد في الواقع عن التدين ولأن معنى قيام الأسرة منع الفوضوية الجنسية التي ينادي لها الملاحدة وقيام الأسرة يحد من ذلك بطبيعة الحال.