للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حاول بعضهم مساندة علي عبدالرازق، وإعادة وجاهته وقدره عند الناس؛ فبعد اثنين وعشرين عاماً غيرت هيئة كبار العلماء رأيها في الشيخ علي عبدالرزاق؛ فبعد أن كان سنة ١٩٢٥ كافراً خارجاً على الإسلام, منكراً لكثير مما ورد في القرآن والسنة, إذا هو في سنة ١٩٤٧ مؤمن يستحق العطف، ويستوجب العفو انظر إلى ما نشرته صحيفة الأهرام في ٢٦/ ٢/١٩٤٧ تحت عنوان (العلماء يلوذون بالعرش في مسألة علي عبد الرزاق بك) وهو ما يلي:

"عندما أصابت الأزهر تلك الصدمة التي نزلت فجأة في شيخه الأكبر المغفور له الشيخ مصطفى عبدالرازق اتجهت نية كبار العلماء إلى تكريم ذكراه في شخص شقيقه الأستاذ علي عبد الرزاق بك, وذلك بأن يلوذوا بالسدة الملكية ملتمسين عفواً ملكياً عن أثر القرار الذي اتخذته هيئة كبار العلماء من قبل؛ فما اختمرت هذه الفكرة حتى أخذت سبيلها إلى التنفيذ, وأُعِدَّت صيغة الالتماس الذي يرفع في هذا الشأن, وحمله إلى القصر العامر جماعة كبار العلماء وأعضاء المجلس الأعلى للأزهر".

ومما هو جدير بالذكر؛ أنه روعي في رفع هذا الالتماس أن تتقدم به الهيئتان العلمية والتنفيذية في الأزهر: تمثل الأولى جماعة كبار العلماء, وتمثل الثانية المجلس الأعلى للأزهر, وأن يكون الملاذ في ذلك؛ هو جلالة صاحب العرش, بعد أن تبين أن جماعة كبار العلماء لا تملك بوضعها الحالي أن تتخذ قراراً جديداً بإلغاء قرارها الأول في مسألة الأستاذ علي عبد الرازق بك؛ إذ إن مثل هذا القرار يجب أن يصدر بأغلبية ثلثي أعضائها, على أن يكون من بينهم شيخ الأزهر، وذلك يقضي قراراً من عشرين عضواً, على حين أن الأحياء من أعضاء الجماعة لا يبلغون هذا العدد.

هذا ما نشرته الصحف ٢٦/ ٢/١٩٤٧, ومنه نرى أن علماء الأزهر, بما فيهم هيئة كبار العلماء كانوا مدفوعين من تلقاء أنفسهم إلى طلب العفو عن علي عبدالرازق, وأن هيئة كبار العلماء لم يتوافر فيها العدد القانوني الذي يمكنها من إلغاء قرارها الصادر في١٢ أغسطس سنة ١٩٢٥؛ فلذلك لجأت إلى الملك.

والحق أن هذا كله محض كذب وافتراء؛ فقد أراد الملك فاروق أن يعين علي عبد الرازق وزيراً للأوقاف؛ فأمر شيوخ الأزهر بأن يقوموا بهذه الحركة؛ فأطاعوا وتبرعوا بالكذب.

وفي يوم ٣ مارس سنة ١٩٤٧ نشرت الصحف مرسوماً بتعيين علي عبدالرازق وزيراً للأوقاف.

والعجب أن يكون تكريم ذكرى مصطفى على حساب الدين؛ هذا إذا نظرنا بعين الاعتبار إلى القرار الصادر سنة ١٩٢٥، وإلى الضجة الهائلة التي أحدثها علماء الأزهر حول الكتاب ومؤلفه.

وعلى كل حال فإن الكتاب لقي وما زال يلقى الهوان، والرد عند كل مسلم أومضت في قلبه بارقة إيمان، وإخلاص.

بل إن بعض من تحمسوا للكتاب أول أمره، عادوا إلى مناوأته، وتخطئته. بل إن علي عبد الرازق نفسه عندما عرض عليه قبل وفاته عام ١٩٦٦م إعادة طبع الكتاب مرة أخرى رفض ذلك، كما أنه لم يحاول من قبلُ الردَّ على منتقديه وخصومه (١).

المصدر:رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص ٤٨٩


(١) (١١) انظر بالتفصيل)) هل نحن مسلمون)) (١٤٢ - ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>