إن الشرق الشيوعي يعترف صراحة بأنه قد قضى أو في سبيل القضاء على كل شكل من أشكال العبادة والمظاهر الدينية حتى الشخصي منها، ولذا فلا حاجة للحديث حوله، أما الغرب الرأسمالي الذي يقول: "إن علمانيته من الطراز اللاديني ( Non-Religious) وليست من الطراز المضاد للدين ( Anti -Religious) فإن الأمر في ظاهره يبدو مختلفاً بعض الشيء"
إن دعاة اللادينية من المخادعين والمخدوعين هناك يقولون: إنه لا ضرر على الدين من قيام الحياة على اللادين!! فالكنائس ستظل مفتوحة، بل إن عددها ليزداد، وهناك يوم الأحد حيث تقفل الدوائر الرسمية وغير الرسمية أبوابها في حين يكون وعاظ الكنائس ومنشدوها في ذروة نشاطهم، وهناك الحرية الشخصية التي لا تضع على حرية العقيدة أي قيد، وتتيح لأي متحمس للدين أن ينضم إلى سلك الرهبانية أو يشترك في جمعية خيرية أو يسافر ضمن بعثة تبشيرية إلى الخارج، وله الحق أن يوصي عند احتضاره بكل تركته وقفاً على الكنيسة.
كما أن من حق الكنيسة أن تقيم طقوسها ومراسمها وحفلاتها بلا اعتراض من الدولة، بل إن رجال الحكومة أحياناً يتشرفون بحضورها.
أما الزواج فلا تزال غالبية الجماهير ترى ولو نظرياً أن إقامة طقسه في الكنيسة أفضل من العقود المدنية أو الزواج بلا عقد.
وكل هذه الأمور - في نظرهم- تجعل الدين يحتفظ بمكانته ونفوذه -ضمن دائرته الخاصة بطبيعة الحال- وتتيح له أن يوجه أتباعه -في نطاق هذه الدائرة- كما يشاء، ومعنى ذلك أن المخاوف التي يبديها بعض الناس على الدين من جراء تعميم الإجراءات التطبيقية اللادينية على مستويات الحياة عامة لا مبرر لها إطلاقاً!
ومن نافلة القول أن نقول: إن الدين كما أنزله الله لا يصح بحال أن ينعزل في زاوية من زوايا الحياة أياً كانت، لكننا نقول بالنسبة لأوروبا: إنه حتى هذه الزاوية التي يوهم دعاة اللادينية الناس بأنهم تركوها للدين لم تظل دينية خالصة، بل طغت عليها موجة التحلل من الدين حتى أفقدتها معناها، وتركتها مظاهر صورية جوفاء لا أثر لها في مشاعر الناس ولا في سلوكهم.