للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد نشأت الليبرالية كردة فعل غير واعية بذاتها ضد مظالم الكنيسة والإقطاع، ثم تشكلت في كل بلد بصورة خاصة، وكانت وراء الثورات الكبرى في العالم الغربي (الثورة الإنجليزية، والأمريكية، والفرنسية)، ولكن نقاط الالتقاء لم تكن واضحة بدرجة كافية، وهذا يتبين من تعدد اتجاهاتها وتياراتها. يقول "دونالد سترومبرج": "والحق أن كلمة الليبرالية مصطلح عريض وغامض، شأنه في ذلك شأن مصطلح الرومانسية، ولا يزال حتى يومنا هذا على حالة من الغموض والإبهام" (١).وفي الموسوعة الشاملة: "تعتبر الليبرالية مصطلحا غامضا لأن معناها وتأكيداتها تبدلت بصورة ملحوظة بمرور السنين" (٢).وتقول الموسوعة البريطانية: "ونادرا ما توجد حركة ليبرالية لم يصبها الغموض، بل إن بعضها تنهار بسببه" (٣).وإذا ذكر اسم " الليبرالية " فإنه – كما يقول رسل -: تسمية أقرب إلى الغموض، يستطيع المرء أن يدرك في ثناياها عددا من السمات المتميزة" (٤).

ومن أهم أسباب غموض مصطلح الليبرالية: غموض مبدأ الحرية:

حيث يعتمد مفهوم الليبرالية على الحرية اعتمادا تاما، ولا يمكن إخراج "الحرية" من المفهوم الليبرالي عند أي اتجاه يعتبر نفسه ليبراليا.

ولكن مفهوم، وكثرة كلام الناس فيه، لا يمكن تحديده وضبطه، لأن أصحاب الأفكار المختلفة في الحرية الليبرالية يعتمد كل واحد منهم على " الحرية " في الوصول لفكرته ....... وقد خرجت أفكار مضادة لليبرالية من رحم الحرية التي تعتبر المكون الأساسي لليبرالية مثل الفاشية، والنازية، والشيوعية، فكل واحدة من هذه المذاهب تنادي بالحرية، وتعتبر نفسها الممثل الشرعي لعصر التنوير، وتتهم غيرها بأنه ضد الحرية.

وقد حصل التنازع بين اتجاهات الليبرالية في تكييف " الحرية"، والبرامج المحققة لها، ومن هذا المنطلق جاء المفهوم السلبي، والمفهوم الإيجابي للحرية.

المصدر:حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها لسليمان الخراشي ص١٢ - ١٨


(١) (٣٦) انظر ((زعماء وفنانون وأدباء))، كامل الشناوي (ص١٨١).
(٢) (٣٧) ((الغارة على العالم الإسلامي)) (ص٧).
(٣) انظر ((الاتجاهات الفكرية المعاصرة)) – (ص ١١١).
(٤) (٣) ((تخليص الإبريز في تلخيص باريز)) (ص١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>