للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: الليبرالية في المال والاقتصاددخلت الليبرالية في اقتصاد الدول الإسلامية من خلال سيطرة سيطرة الدول الراسمالية الكبرى على الاقتصاد العالمي، على ذلك ما كتبه "حسن حنفي" حيث يقول: " إن (الله) لفظة نعبر بها عن صرخات الألم وصيحات الفرج، أي أنه تعبير أدبى أكثر منه وصفا لواقع، وتعبير إنشائي أكثر منه وصفا خبريا .. إنه لا يعبر عن معنى معين، إنه صرخة وجودية أكثر منه معنى يمكن التعبير عنه بلفظ من اللغة، أو بتصور من العقل، هو ردة فعل على حالة نفسية أو تعبير عن إحساس أكثر منه تعبيرا عن فقد، يكون في الحس الشعبي هو الله، وكل ما تصبو إليه ولا نستطيع تحقيقه فهو أيضا في الشهود الجماهيري هو الله (١)، ويقول أيضا " فالصفات السبع هي في حقيقة الأمر صفات إنسانية خالصة، فالإنسانية هو العالم، والقادر، والحي، والسميع، والبصير، والمريد، والمتكلم ... هذه الصفات في الإنسان ومنه على الحقيقة، وفي الله واليه على المجاز" (٢).ومع أن هذه الإلحاد والإنكار لوجود الله تعالى منافيا للإسلام من أصله إلا أن حسن حنفي يلصقه بالإسلام، ويحتج لذلك بكتابات ابن عربي وابن سبعين والحلاج وغيرهم من زنادقة وحدة الوجود، وكتابات الفلاسفة كابن سينا وغيره، ويعتبر ذلك قراءة إسلامية للإسلام مختلفة عن القراءات السلفية غير العقلانية (٣). وهو بهذا يؤسس للإلحاد الشيوعي إسلاميا (٤). وبهذه الطريقة يناقش " أبو زيد " قضية النبوة ويجعلها إنسانية محضة، ولا تعدو أن تكون اتصالا بين الفكر والواقع، وهي مجرد درجة قوية من درجات الخيال الناشئ عن " فاعلية المخيلة الإنسانية" (٥)، وأساس هذا الفكر الإلحادي هو أن تأويل النص لا توجد له حقيقة موضوعية وليس له معيار لمعرفة الحق من الباطل، لأنه مرآة صامتة " فالنص أخرس، صامت، مؤلفه قد مات، والمؤول هو الذي يجعله يتكلم "، والنتيجة أنه مع تعدد القراءات يكون كل قراءة ظنية ممكنة الصدق أو الكذب، ولا يمكن إقامة البرهان عليها (٦).ومن النماذج التطبيقية لهذا الفكر " فصل الدين عن الدولة "، و" تنحية الشريعة وتطبيق القوانين الوضعية " ولهذا ظهر ما يسمى " الإسلام العلماني " (٧).يقول حسن حنفي: " نشأت العلمانية استردادا للإنسان، ولحريته في السلوك والتعبير، وحريته في الفهم والإدراك، ورفض لكل أشكال الوصاية عليه، ولأي سلطة فوقية إلا سلطة العقل والضمير! العلمانية إذن هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ " (٨). والفصل بين الدين والدولة، واعتبار الدين شأنا شخصيا بينما الدولة أمرا مدنيا يبني على العقل والمصلحة من النقاط التي اتفق عليها كتاب المدرسة العصرانية الحديثة منذ أيام علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم وإلى زماننا المعاصر (٩).

ولاشك أن العصرانية وسيلة موصلة إلى العلمانية فيما مضى، أما الآن فقد اتفق العصرانيون والعلمانيون في تأويل عقائد الإسلام وأحكامه وأخلاقه ليتوافق مع التحديث الغربي، وهذا ما أصبح يعرف بالإسلام الليبرالي.


(١) (١٧) ((قاسم أمين)): (٧٧).
(٢) (١٨) أحمد لطفي السيد: (٢١٥).
(٣) (١٩) ولي الدين يكن، ((مناهل الأدب العربي)) (٤٥).
(٤) (٢٣) انظر كتاب ((سعد زغلول)) بقلم سكرتيره: محمد إبراهيم الجزيري (٢٠٣) فما بعد.
(٥) (٣٠) انظر المجلد الأول من المجلة المذكورة سنة ١٩١٣، مركز البحث العلمي.
(٦) (٣١) ((وحي القلم)) (٣/ ١٦٣).
(٧)) ٣٢) ((الأدب للشعب)) (٦٦ - ٦٧).
(٨) (٣٤) (ص:١١٨).
(٩) (٣٥) (ص:١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>