للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر كرومر في كتابه (مصر الحديثة) أنه منح محمد عبده خلال إقامته بمصر كل ما يملك من عون وتأييد, وأنه "محمد عبده" لم يكن يستطيع أن يحتفظ بمنصبه في الإفتاء لولا هذا التأييد.

الجمعيات والأحزاب السياسية الليبرالية:

ظهر في أواخر الدولة العثمانية جمعيات وأحزاب سياسية سرية تتلقى الدعم والمساعدة من الدول الاستعمارية التي كانت تتربص بالدولة، وتستعمل هذه الأحزاب للضغط عليها بما يوافق مصالحها.

وقد أنشأ كثيرا من هذه الجمعيات نصارى العرب في بلاد الشام، كما وجدت أحزاب تجمع بين بعض المسلمين والنصارى، وقد وجد بعض هذه الأحزاب لأفكار سياسية وقتية ثم انتهى. ومن أبرز هذه الجمعيات التي كان لها أثرا: جمعية الاتحاد والترقي: وهي أول جمعية منظمة تعتمد على الفكر الليبرالي بمفهومه العام، وترجع بداية ظهور هذه الجمعية إلى جماعة (الأحرار) التي تكونت في عهد السلطان عبد العزيز، وأنشأت في عام ١٨٦٤م مجلة في لندن باسم "حريت" (١).

ومن خلال هذه الحركة تم التحول من الحكم بالشريعة الإسلامية – مع وجود التفريط والمخالفة- إلى الحكم بالطاغوت والتشريع بغير ما أنزل الله تعالى.

وقد كان وراء هذه الحركة يهود الدونمة في سلانيك, فمن خلال محافل الماسونية تكونت هذه الحركة الليبرالية, وأصبح كثير من أعضائها من اليهود الماسون. حزب الوفد (٢):حزب الوفد هو امتداد لأول حزب ليبرالي تكون في مصر أثناء الاحتلال البريطاني، وهو حزب الأمة، وقد التأم حزب الأمة بين جماعة من كبار الملاك (٣) وآخرين من المثقفين وعلى رأسهم " أحمد لطفي السيد، وقد كان المثقفون أصحاب مذهب سياسي واجتماعي وهو (الليبرالية)، وحاولوا التوفيق بينه وبين رغبات هؤلاء الأعيان ... ,

التحول الديمقراطي ومشروع الشرق الأوسط الكبير:

لم تعرف البلاد الإسلامية الليبرالية إلا من خلال دعاة التغريب، ولم يكن لمفاهيمها السياسية تطبيق في الواقع إلا عن طريق الاستعمار الغربي، وقد كانت فترة الاستعمار هي " العصر الذهبي لليبرالية " في كل البلاد الإسلامية التي دخلها الاستعمار.

و" مشروع الشرق الأوسط الكبير " مشروع أمريكي، ولكن الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا وفرنسا كان له مشاركة فعالة لاسيما وأن الولايات المتحدة عرضت المشروع على قمة الدول الثمانية الكبار، وقد بدأ العمل بهذا المشروع من خلال "منتدى المستقبل". أما أبرز مبادئ مشروع الشرق الأوسط الكبير (٤)، فهي:

أولا: تشجيع الديمقراطية (بمفهومهم!).

ثانيا: بناء مجتمع معرفي.

ثالثا: توسيع الفرص الاقتصادية.

أما الأهداف الحقيقة لمشروع الشرق الأوسط الكبير:

مشروع الشرق الأوسط الكبير مشروع له أبعاد سياسية واقتصادية، وينطلق من المنفعة الغربية بالدرجة الأولى، فالغاية تبرر الوسيلة حسب الرؤية الميكافيللية الغربية، ولكنه يتذرع بالخوف على المصالح الغربية، ويتجمل بالحرص على الإصلاح وإشاعة الديمقراطية والحرية في العالم.

والمتابع للسياسة الغربية يجزم أن مصلحة المنطقة غير واردة في هذا المشروع، فالاستعمار البريطاني والفرنسي نهب ثروات الشعوب، واستعبد الناس وفق مصالحه الذاتية:

والأهداف الحقيقية لهذا المشروع يمكن بيانها من خلال ما يلي:

أولا: إعادة ترتيب أوضاع المنطقة لتتقبل النموذج الليبرالي في الشأن السياسي (الديمقراطية)، والشأن الاقتصادي (الرأسمالية) لظنهم أن تطبيق الليبرالية في هذه البلاد الشرق أوسطية سيخفف الاحتفال الشعبي وبالتالي يفقد الإرهابيين (المجاهدين) التأثير على الشعوب الإسلامية في المنطقة.

ثانيا: تهيئة المنطقة للعولمة ودخول الشركات الغربية في أسواقها لزيادة الكسب، وحل مشكلة الفائض في الاقتصاديات الغربية، والبحث عند اليد العاملة الرخيصة.

ثالثا: العمل على تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة من خلال الاقتصاد والشراكة في حلف جديد غير مرتبط بهوية دينية أو قومية.

المصدر:حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها لسليمان الخراشي ص٧٨ - ١٠٢


(١) (٤١) ((الإسلام في الغرب)) (١٨١).
(٢) (٤٣) ((الإسلام في الغرب)) (١٨٨ - ١٨٩).
(٣) ([٩٤]) انظر ((العلمانية وثمارها الخبيثة)) لمحمد شاكر الشريف (٢٩ - ٣٤).
(٤) (([٩٥] قد ذهب إلى ذلك الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق؛ حيث قال: علمنا من كثيرين ممن يترددون على المؤلف أن الكتاب ليس له فيه إلا وضع اسمه عليه فقط. وقد نقل ذلك د. محمد ضياء الدين الريّس في كتابه ((الإسلام والخلافة في العصر الحديث)) (ص٢١١)، واستظهر له بالعديد من القرائن.

<<  <  ج: ص:  >  >>