للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: إن العلمانية (وهي الفصل بين الدين والحياة) نشأت بصفتها رد فعل للتصرفات التعسفية التي ارتكبتها الكنيسة.

ثانيا: انتشرت العلمانية في ديار الإسلامية بقوة الاستعمار وأعوانه، وتأثير الاستشراق، فأدت إلى تفكك في الأمة الإسلامية، وتشكيك في العقيدة الصحيحة، وتشويه تاريخ أمتنا الناصع وإيهام الجيل بأن هناك تناقضا بين العقل والنصوص الشرعية، وعملت على إحلال النظم الوضعية محل الشريعة الغراء، والترويج للإباحية، والتحلل الخلقي، وانهيار القيم السامية.

ثالثا: انبثقت عن العلمانية معظم الأفكار الهدامة التي غزت بلادنا تحت مسميات مختلفة كالعنصرية، والشيوعية والصهيونية والماسونية وغيرها، مما أدى إلى ضياع ثروات الأمة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وساعدت على احتلال بعض ديارنا مثل فلسطين والقدس، مما يدل على فشلها في تحقيق أي خير لهذه الأمة.

رابعا: إن العلمانية نظام وضعي يقوم على أساس من الإلحاد يناقض الإسلام في جملته وتفصيله، وتلتقي مع الصهيونية العالمية والدعوات الإباحية والهدامة، ولهذا فهي مذهب إلحادي يأباه الله ورسوله والمؤمنون.

خامسا: إن الإسلام هو دين ودولة ومنهج حياة متكامل، وهو الصالح لكل زمان ومكان، ولا يقر فصل الدين عن الحياة، وإنما يوجب أن تصدر جميع الأحكام منه، وصبغ الحياة العلمية الفعلية بصبغة الإسلام، سواء في السياسة أو الاقتصاد، أو الاجتماع، أو التربية، أو الإعلام وغيرها.

التوصيات:

يوصي المجمع بما يلي:

على ولاة أمر المسلمين صد أساليب العلمانية عن المسلمين وعن بلاده، وأخذ التدابير اللازمة لوقايتهم منها.

على العلماء نشر جهودهم الدعوية بكشف العلمانية، والتحذير منها.

ج – وضع خطة تربوية إسلامية شاملة في المدارس والجامعات، ومراكز البحوث وشبكات المعلومات من أجل صياغة واحدة، وخطاب تربوي واحد، وضرورة الاهتمام بإحياء رسالة المسجد، والعناية بالخطابة والوعظ والإرشاد، وتأهيل القائمين عليها تأهيلا يستجيب لمقتضيات العصر، والرد على الشبهات، والحفاظ على مقاصد الشريعة الغراء." وفي السياق نفسه فقد أصدر مجلس علماء إندونيسيا فتوى بكفر الليبرالية (١)، ونصت الفتوى التي صدرت في ختام مؤتمر المجلس السابع على أن " التعاليم الدينية المتأثرة بالأفكار العلمانية والليبرالية هي تعاليم منافية لحقيقة الدين الإسلامي، وعلى المسلم أن يعتقد أن دين الإسلام هو الدين الحق، وأن ما سواه هو الباطل" (٢).

الشبهة الثانية: أن الليبرالية مجرد آلة وليست عقيدة:

هذه الشبهة تقوم على أن الليبرالية ليست عقيدة يمكن أن توصف بالإيمان أو الكفر، وإنما هي مجرد آلة عصرية يمكن الاستفادة منها لتحديث المجتمع وتطويره.

ويبدو على هذه الشبهة أسلوب المخادعة، والهروب من الحقيقة، فإن من يدرس الليبرالية يتبين له أنها عقيدة فكرية متكاملة، وفلسفة مادية إلحادية، فدعوى أنها مجرد آلة هي هروب مما تتضمنه الليبرالية من مناقضة لأحوال الإسلام، وهذه الدعوى لا يوافق عليها أحد من مفكري الليبرالية المعروفين. وإذا كان بعض الليبراليين يخادع نفسه بادعاء أن الليبرالية مجرد آلية فإن منهم من يصرح بأنها منهج للحياة كما فعل الدكتور محمد الرميحي في قوله: " ومع أن الليبرالية هي مفهوم فلسفي، وطريقة تفكير وموقف من الحياة أكثر منها آلية محددة للحكم، فإن الديمقراطية في معناها الشامل هي النتيجة الطبيعية للفكر الليبرالي " (٣).


(١) انظر موقعه على الشبكة العنكبوتية.
(٢) في مقال له نشر في جريدة الشرق الأوسط, في: ٣/ ٧/٢٠٠٢م.
(٣) انظر: ((العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب)) (٤٠٩ ,٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>