ووجدت في بعض مطارات الدول الإسلامية العربية بطاقات لدعوة السياح إلى كيفية معاشرة الزانيات، ووجوب التأكد من صلاحية بطاقاتهن الشخصية خوفا من مرض الإيدز؟!!، وقد جاء في الحديث الشريف ما معناه أنه ما انتشر الزنا في قوم إلا سلط الله عليهم عقابا لم يكن في أسلافهم، وقد عرفنا هذا العقاب في زماننا إنه مرض نقص المناعة " الإيدز" الذي جعلهم يجرون جثث موتاهم إلى المقابر كل يوم دون أن يجدوا له الدواء المضاد، ولن يجدوا إن شاء الله إلى أن تتطهر الأرض من رجسهم رغم تبجحهم بأنهم وصلوا في القوة إلى حد أنهم يخلقون الخلق عن طريق التناسخ وإلى حد أنهم يستطيعون إجبار السحاب على إنزال ما به من المطر في المكان الذي يريدون .. إلى آخر غرورهم. وانتشر الربا وعاد الناس إلى تطبيق العقيدة الجاهلية الأولى فيه حيث كانوا يقولون إنما البيع مثل الربا، فقامت البنوك الربوية الشاهقة البناء ونشطت الشركات في ابتلاع أموال الناس تحت مسميات مختلفة خادعة ودعايات براقة وصار من بقي فيه عرق ينبض ببقية خافتة من الخوف أو الحياء يسميه فائدة ليتحاشى تسميته ربا، مع أن هذه الحيلة قد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عنها مبكرا حيث ذكر أنه سيأتي أقوام يستحلون الخمر والحرير والمعازف ويسمونها بغير اسمها (١)، وهذا هو الحاصل في زماننا، دخل إباحة الزنا تحت تسمية " الحرية الشخصية "، ودخل إباحة الربا تحت تسمية " الفائدة"، ودخل قتل كبار السن ومن لا يريدونه تحت تسمية " الموت الرحيم"، ودخل رفض الدين وتركه تحت تسمية " حرية الأديان " أو "حرية التدين"، ودخلت قلة الحياء ونبذ الحشمة تحت تسمية " التقدم" وترك الماضي، ودخلت أشياء وأشياء كثيرة لا تحصى تحت تسميات كاذبة وعناوين خادعة، ويا ويل البشرية من شر أشرارهم.
وانتشرت ظاهرة المساحيق والماكياجات التي أثقلت ظهور كثير من الرجال والنساء لتذهب فائدة قيمتها إلى بنوك اليهود، وغيروا خلق الله وغرروا ودلسوا واختفت حقائق كثيرة وظهرت أمور غريبة تنذر بشر مستطير ومصير مظلم لا يدري عاقبته إلا الله تعالى.
كما انتشرت ظواهر سيئة في جميع نواحي الحياة من غش وكذب وجشع لا حد له واستغلال القوي للضعيف، وماتت – أوفي طريقها – أخلاق وفضائل كانت عند الناس في قمة أولوياتهم، كفضيلة الكرم، والإيثار، والتواضع، والشهامة ... وأخلاق كثيرة لم يعد لها وجود في أذهان كثير ممن مسخت فطرهم المذاهب الفكرية الضالة من اشتراكية ورأسمالية وعلمانية وغيرها من المذاهب المادية التي جنت على القائمين بها قبل غيرهم حينما جعلتهم يعيشون في فوضى وقلق واضطراب يصل إلى حد الجنون، لا يحسون بهدوء ولا راحة نفسية ولا عاطفة حب نحو الآخرين – غير المجاملات العابرة – وجوههم مقطبة، وأفكارهم شاردة، ولم يعد للرحمة تلك المكانة التي تبوأتها قبل ظهور قرن الشيطان فوق المذاهب الفكرية، ولم يعد للعدل والإنصاف أي مكان يحط رحاله فيه – إلا القليل – وذهب حتى ذكر أولئك الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة – وجاء الجيل الذي لا يأكل الوالد في مطعم ولده أو الولد في مطعم أبيه إلا بدفع القيمة نتيجة حتمية لإعراضهم عن هدي الله عز وجل واتباعهم لأهواء الضالين وقراصنة المال الذين لا يتكلمون إلا في المال، ولا يضحكون إلا للمال ولا يعملون إلا للمال، ولا يعطون شيئا إلا ليأخذوا ما هو أثمن منه، وحق للضعفاء والفقراء أن ينشدوا مع الشاعر قوله:
ذهب الذين إذا رأوني مقبلا ... هشوا إليّ ورحبوا بالمقبل
وبقيت في خلف كان حديثهم ... ولغ الكلاب تهارشت في المنزل
(١) انظر ((الإصابة)) (٧/ ٤٠٤) وانظر ((أحاديث في ذم الكلام وأهله)) (٣/ ١٦٢) و ((الخصائص الكبرى)) (٢/ ٦٢).