كما أن تقديم الأخوة القومية على الأخوة على الدين هو كذلك أمر يرفضه الإسلام. وكذا الموالاة يجب أن تكون بين المسلمين لا أن تكون على أساس قومي وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [التوبة:٧١]. كذلك فإن الإسلام يدعو إلى التآلف والتراحم والتساوي في الحقوق والواجبات وأن أكرم الناس هو أتقاهم لله تعالى بينما القومية لا تقوم على هذه المفاهيم المشرقة الجميلة بل تقوم على بغض الآخرين والتعالي عليهم والفخر بالأحساب والأنساب وغيرها من مخازي الجاهلية التي حاربها الإسلام.
بل إن القومية إضافة إلى أنها رجوع إلى الجاهلية هي كذلك قدح في كمال الإسلام ورد لما تفضل الله تعالى به على هذه الأمة من إكمال الدين ورضاه به وإخراجهم بالإسلام من الظلمات إلى النور وإخراج العرب بخصوصهم من حياتهم الجاهلية وخمول ذكرهم بين الأمم بالرغم من كل ذلك وغيره نجد الكثير من الكتاب السفهاء والكاتبات السفيهات يقلدون أعداء الإسلام من اليهود والنصارى في ذم الإسلام والإلحاح في طلب العودة إلى الجاهلية التي كانت قبل الإسلام وإلى العودة إلى حضاراتها العظيمة وقوانينها التي هي في غاية العدالة وإلى تاريخها المجيد .. إلى آخر الأكاذيب التي تخيلوها وسجلوها في شكل كتب ونشرات وتمثيليات ومسرحيات وكلها توحي بصراحة إلى أن العرب وكل الأمم كانوا قبل الإسلام على خير عظيم وأنهم كانوا على جانب عظيم من الحضارة والقوة والمنعة ويمجدون ذلك مما يوحي إلى أن الإسلام هو الذي عطل مواصلة تلك الحضارات وأن في الرجوع عنه التقدم والرقي والألفة ضاربين بكل ما عرفه الناس من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومما عرفه العقل والمشافهة عن من سبق من أخبار العرب بخصوصهم قبل الإسلام ضاربين بذلك كله عرض الحائط فمتى يدرك المنخدعون والمخادعون أن الخير كله في هذا الدين الذي أخبر عنه رب العالمين وشهد له بالخير والحق والكمال.