وقال تعالى: عن دسها في التراب – أي دفنها حية -: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ [التكوير:٨ - ٩]، وهو تهديد شديد، ويعود سبب تلك الكراهية لها إلى أن حياة الجاهلية كانت قائمة على الغارات والسلب والنهب، والبنت لا تستطيع ذلك فكرهوا ولادتها وتعللوا بخوف العار.
٢ - كان حكم الجاهلية يقضي بأن المرأة لا إرث لها من مال والديها ولا أحدا من أقاربها، بل الذي يختص بالمال كله هو الرجل فقط، ولكن حكم الله تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا [النساء:٧] فجعل المرأة ترث من المال مهما كان قليلا أو كثيرا بقدر نصيبها الذي بينته السنة أتم بيان.
٣ - كانت المرأة تورث كالمتاع أو كالحيوانات التي يتركها الميت لورثته، هكذا حكم الجاهلية، ولكن حكم الإسلام يختلف تماما إذ حكم بأن هذا لا يحل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا [النساء:١٩].
٤ - كانت المرأة تعامل كقطعة من جماد لا اهتمام بها ولا نظر لمشاعرها، فقد كان الرجل يجمع بين الأختين في الزواج دون أي اعتبار لما تحس به كل منهما من الغيرة والتعذيب النفسي، ولكن الله في القرآن الكريم جعل هذا العمل من المحرمات المؤبدة في حياة كل منهما تحت رجل واحد، حيث قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:٢٢] إلى أن قال تعالى وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:٢٣].
٥ - كانت المرأة لا تملك الانفصال عن زوجها ولو طلقها مائة مرة، فجعلها الإسلام طلقتين فقط، وفي الثالثة تنتهي عشرتها مع زوجها.
٦ - كان الرجل يعدد الزوجات حسب ما يريد، فجعلها الإسلام أربعا فقط مع أمن الجور والاستطاعة الكاملة.
٧ – كانت المرأة لا رأي لها في اختيار الزوج الذي تريد، بل تزوج مكرهة.
٨ - كانت المرأة إذا مات عنها زوجها ينكحها ولده من غيرها دون أي اعتبار لما كانت تتمتع به في حياة زوجها من منزلة ودون اعتبار لزوجة الأب التي هي بمنزلة الأم، فأبطل الله هذه الفعلة القبيحة وحرمها بقوله تعالى وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً [النساء:٢٢].
ثلاث صفات قبيحة لهذا السلوك البهيمي.
٩ - كانت المرأة التي تقع أمة لشخص بأي سبب تقهر وتهدر كرامتها، بل تصبح سلعة رخيصة معروضة إذ كان سيدها يكرهها على البغاء ليثرى على حساب عفتها، فأبطل الله ذلك فقال تعالى وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور:٢٣] فحرم الله ذلك السبيل الجائر إلى الأبد.
كما أنه لم يكن للمرأة أي حقوق أو دور مع الرجل في الأمور المهمة، فلا يسمع لها رأي، ولا يقام لها وزن، وإنما هي لمتعة الرجل فقط، فجاء الإسلام الذي أعطى المرأة حقوقا لم تنلها في حياتها لا من قبل ولا من بعد في غير الإسلام، فقد بين الله في كتابه الكريم وفي سنة نبيه أن المرأة هي بخلاف ما كانت تتصوره الجاهلية، فهي تماما مثل الرجل في أشياء كثيرة تأملها فيما يلي: