للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل حال فقد ظهر الإلحاد بشكله الجديد المدروس المنظم كبديل لكل الأديان وزعماؤه هم البديل الجديد عن الأنبياء والرسل والمتمسكون بالإلحاد هم المتطورون المتقدمون والتاركين له هم الرجعيون المتخلفون وللباطل صولة ثم يضمحل فبعد تلك السنوات العجاف التي قوي فيها شأن الإلحاد والملحدين ظهرت الحقيقة للعيان وإذا بالإلحاد والملحدين ما هم إلا سماسرة اليهودية العالمية وأنهم يهدفون إلى استحمار العالم ومحو أخلاق الجوييم وتحطيم حضاراتهم وإبطال دياناتهم وكشأن كل المذاهب الباطلة والأفكار الجاهلية بدأ الموت يدب في جسم هذا الإلحاد البغيض وإذا بالناس يكتشفون زيف أقاويله وأفانين خدعة فبدؤوا يهربون منه زرافات ووحدانا وعرف الناس أن الإلحاد هو الذي سبب لهم الشقاء والفقر وتزايد الأحقاد والقلق والاضطراب وأنه هو الذي سهل للمجرمين طرق الإجرام وظهور الفتن والضلال إذ ليس فيه ثواب ولا عقاب في الآخرة ولا رب يجازي المجرمين بعذابه والمطيعين بثوابه فما الذي يمنع المجرم من تنفيذ جريمته وما الذي يجعل قلب الغني يشفق على الفقير وما الذي يمنع السارق والغشاش والخائن ومدمن المخدرات ما الذي يمنع هؤلاء من تحقيق رغباتهم. وللقارئ عظة مما يقع في العالم الملحد من أنواع الجرائم والظلم في جو مشحون بالتوترات والهموم قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:١٢٤].

وإذا كانت المظالم والأنانيات وحب الشهوات وغيرها تحصل بين المؤمنين بالله تعالى فما هو الظن بالمجتمعات التي لا تؤمن بالله ربا ولا بالإسلام دينا ولا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، ولا ضمير حي يذكرها بما للآخرين من حقوق ما هو الظن بتلك المجتمعات الذين هم كالأنعام أو أضل الذين لا يعيشون في بيئات أسرية متحابة يعرف بعضهم للبعض الآخر ما له من حقوق صلة الرحم وحفظ الأنساب وتقوية المودة فيما بينهم. فأين الأولاد بعد أن ابتلعتهم دور الحضانات الحكومية، وأين الأزواج بعد أن تفرق الجميع في كل اتجاه تلبية لحاجاتهم المعيشية واللهو أيضا، وأين بقية الأقارب وقد تكفل الإلحاد بمحاربة أي وجود لذلك، وأين تلاحم المجتمع كله بعد أن تعهد الملاحدة بتفريق المجتمعات وضرب بعضهم بالبعض الآخر عن طريق الجاسوسية الهائلة إلى حد أن أي شخص لا يأمن الآخر بأي حال فأصبحت المجتمعات الإلحادية تعيش فيما بينها كما تعيش قطعان الذئاب أو السمك في البحر وعلى المسلمين أن يأخذوا العظة بغيرهم وأن يفروا من تلك الأفكار وصداقات زعماء تلك المجتمعات كما يفر الصحيح من المجذوم، بل وأشد، وأن يرجعوا إلى الله تعالى ويبتهلوا إليه أن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا.

المصدر:المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي ٢/ ١٠١١

<<  <  ج: ص:  >  >>